بدا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وسيطاً نووياً بين إيران والغرب، لكنه وسيط ليس كالوسطاء. فهو لم يتخط مجرد ناقل للموقف الإيراني المعلن، الذي تنقله يومياً وكالات الأنباء. وعلى أي حال، لا يملك أنان دوراً أهم في هذا الملف. وقد يكون أهم ما في زيارته لطهران تبلغه رسمياً دعم إيران للقرار 1701 المتعلق بلبنان.دخل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على خط المساعي بين إيران والغرب، ناقلاً موقف طهران من ملفها النووي، وذلك خلال زيارته إلى الجمهورية الإسلامية يومي السبت والأحد، حيث أجرى محادثات كان هدفها الأساسي الوضع في الشرق الأوسط في أعقاب العدوان الأخير على لبنان، في وقت حرص على التصدي لأي تشكيك في «المحرقة النازية».
في المقابل، جدد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لأنان أمس تأكيد رفض بلاده تعليق تخصيب اليورانيوم قبل إجراء مفاوضات حول برنامجها النووي، وأبلغه، في الوقت نفسه، «دعمه الكامل» لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 المتعلق بالحرب الأخيرة بين لبنان وإسرائيل.
ووصف أنان محادثاته مع المسؤولين الإيرانيين بـ«الطيبة»، مؤكداً على دور إيران كـ«لاعب مهم على الصعيد الدولي ودورها المهم في المنطقة».
وقال أنان للصحافيين، في ختام لقاء مع نجاد استمر ساعة ونصف الساعة، إن «الرئيس أكد لي أن إيران مستعدة للتفاوض والتوصل إلى حل للأزمة، لكنه لا يوافق على التعليق قبل إجراء مفاوضات».
وفي ما يتعلق بلبنان، قال الأمين العام للأمم المتحدة إن الرئيس الإيراني «أكد مجدداً دعمه الكامل للقرار 1701»، مشيراً إلى أن نجاد تعهد بقيام إيران «بكل ما في وسعها لدعم وحدة لبنان وسلامة أراضيه واستقلاله». وأضاف أن «طهران ستشترك معنا في مجهود جماعي لإعادة إعمار لبنان».
وشدد نجاد، بدوره، على «الحفاظ على استقلال الشعب والحكومة اللبنانيين وضرورة بذل الأمين العام للأمم المتحدة المزيد من الجهود لإقرار السلام والتطبيق الكامل لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية المحتلةونقلت الإذاعة الرسمية الإيرانية عن نجاد قوله لأنان: «مع أننا فقدنا ثقتنا في الأوروبيين خلال السنوات الثلاث الماضية من المفاوضات، إلا أننا مستعدون للتفاوض وفق شروط عادلة، لكن عليهم أن يتصرفوا بشكل يجعلهم يكسبون ثقتنا».
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي، إجراء مفاوضات مع أنان حول منع إرسال أسلحة من إيران إلى لبنان. وقال آصفي: «إيران لم ترسل أسلحة إلى لبنان لكي تمنع إرسالها»، مشيراً إلى أن «أميركا هي التي ترسل أسلحة إلى الكيان الصهيوني ويجب منعها من هذا العمل».
من ناحية أخرى، أعلن أنان أن «المحرقة (النازية) حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها»، بعدما رأى آصفي أن حجمها «ضخم كثيراً». وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن «علينا أن نعلِّم أطفالنا تاريخ الحرب العالمية الثانية وأن ننتبه إلى أن الكلمات يمكن أن تسبب الأذى».
في المقابل، دافع آصفي عن معرض الرسوم الكاريكاتورية حول المحرقة في العاصمة الإيرانية، مشيراً إلى أنه يندرج «في إطار حرية التعبير». إلا أن أنان رأى أن حرية التعبير حق يجب أن يمارس «بحساسية وروية».
وقال، خلال لقاء مع وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أول من أمس، إنه «لم يشاهد المعرض إلا أنه يجد أن فكرته غير لائقة».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بحث، لدى وصوله إلى طهران أول من أمس، الملف النووي مع كبير المفاوضين الإيرانيين علي لاريجاني.
وقال لاريجاني، إثر اللقاء: «اتفق الطرفان على أن الحل الأفضل يقضي بتسوية المسائل من خلال مفاوضات».
والتقى أنان، خلال زيارته، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة إن أنان طلب أيضاً الاجتماع بمرشد الجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي، إلا أن هذا الاجتماع لم يتقرر.
وغادر أنان طهران أمس متوجهاً الى الدوحة، حيث أجرى محادثات مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، على أن يغادر صباح اليوم إلى السعودية، وهي المحطة الأخيرة من جولته الشرق أوسطية.
وأعلن مسؤول في مجلس الشورى الإيراني أمس أن المجلس سيباشر النظر في مشروع قانون ينص على «تعليق» عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال المسؤول لـوكالة «فرانس برس»، «قدم إلى البرلمان مشروع القانون حول تعليق دخول مفتشي وكالة الطاقة الذرية إلى إيران».
وأوضح رئيس لجنة الشؤون الخارجية علاء الدين بروجردي أن اللجنة «وضعت مشروع قانون ينص على أنه إذا قرر مجلس الأمن، رغم كل ما أبدته طهران من ليونة وتعاون، أن يحرم إيران من حقوقها المشروعة، فإن الحكومة ستعلق كل عمليات التفتيش الجارية حالياً». وذكر التلفزيون الإيراني أن خمسين نائباً وقعوا على مشروع القانون.
إلى ذلك، قال ممثل إيران في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، حسين كاظمبور أردبيلي، خلال مؤتمر اقتصادي في طهران أمس، أن إيران واليابان ستضعان، «خلال أسبوعين»، اللمسات الأخيرة على عقد نفطي ضخم بقيمة ملياري دولار.

(أ ب، أ ف ب، رويترز،
يو بي آي، د ب أ)