باريس ــ بسّام الطيارة
هل تكون حرب إسرائيل على لبنان مقدمة لانفصال السياسة الأوروبية عن مسار السياسة الأميركية الحالية تجاه الشرق الأوسط؟ سؤال لم يتردد في طرحه مراقبون تابعوا مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي نهاية الأسبوع الماضي في «لابيرانتا» في فنلندا.
وعكست القرارات، التي توصلت إليها وفود الدول الأعضاء الخمس والعشرين، توجهاً معاكساً لمختلف مواقف واشنطن من مسائل الشرق الأوسط، إن كان في ما يتعلق بقضية فلسطين أو بالمسألة النووية الإيرانية.
ويرى المراقبون أن قرار كل من فرنسا وإيطاليا واسبانيا تكوين نواة قوات اليونيفيل المعدلة كان الخطوة الأولى في مسار «محاولة وضع حد للتبعية لسياسة أميركا»، مشيراً إلى «اختفاء صوت بريطانيا في الاسبوعين الماضيين»، وهو ما يجعل من الدول الثلاث «المشاركة بقوة» في القوات الأممية في لبنان «محرك سياسة أوروبية جديدة» في ضوء اصطفاف ألمانيا وراء سياسة الرئيس الأميركي جورج بوش منذ وصول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الحكم.
وعلى ضوء هذا الاندفاع الأوروبي، تقرر في مؤتمر ستوكهولم تخصيص ٥٠٠ مليون دولار للفلسطينيين، بينما قرر المجتمعون في فنلندا منحهم ٥٠ مليون يورو إضافية. وتميزت هذه المنحة بخفض سقف الشروط السياسية المرتبطة بمنحها؛ فقد ترك الكلام المنمق جانباً حول «إيجاد آليات لإيصال الأموال إلى الفلسطينيين» وبدأ الحديث عن «إمكانية التواصل مع حركة حماس» والانفتاح عليها.
ومن هنا يدعم الأوروبيون خطة تأليف حكومة وحدة وطنية تسمح لهم بإعادة علاقاتهم مع «حماس». وقال مقرب من منسق الشؤون الخارجية للاتحاد خافيير سولانا «سننفتح على حكومة الوحدة ونتحدث مع وزرائها حتى إن كانوا أعضاء في حماس».
وتظهر بوادر التباعد الأوروبي عن سياسة واشنطن في تصريحات متكررة عن ضرورة إحياء عملية السلام وعن ترابط مسار الأزمات في المنطقة بالمسألة الفلسطينية. وأشار وزير خارجية إيطاليا ماسيمو داليما إلى هذا الترابط، مشدداً على ضرورة الالتفات إلى الوضع في الأراضي الفلسطينية وأعلن عزمه على التوجه إلى المنطقة لذلك.
وكذلك الأمر بالنسبة للمسألة النووية الإيرانية. فإن كان الأوروبيون متفقين على شيء بالنسبة لمعالجة الملف الإيراني فهو «إعطاء المجال والوقت الكافي للمفاوضات»، ولا يريد الاتحاد الأوروبي ان «يسمع كلمة عقوبات» كما صرح دبلوماسي في فنلندا.
ويقول المراقبون في العواصم الأوروبية إنه «يمكن انتزاع مبدأ وقف التخصيب المؤقت خلال المفاوضات» حتى لو اضطرت المجموعة الدولية إلى تقديم «حوافز أكثر شهية» لإيران. ويرى البعض أن إعطاء إيران مهلة إضافية خلافاً لما تريده واشنطن، هو محاولة لاستمالة موسكو وبكين من جهة وللتأكد من «جدية الضمانات التي أعطتها طهران بشأن الملف اللبناني».