أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في ختام اجتماع وزراء خارجية دول الحلف في تركيا يوم أمس، أن الحلف ينوي تعزيز وجوده العسكري وتكثيف أنشطته العملية على «حدوده الشرقية»، أي مقابل روسيا التي قرر الحلف عدم استئناف التعاون العملي معها بعد «تعليقه» العام الماضي إثر ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وتحدث ستولتنبرغ عن قرار الحلف إبقاء باب الحوار السياسي مفتوحاً مع روسيا، وسط تطورات عملية تشير جميعها إلى نية «الأطلسي» الصدام، لا الحوار. وكان ستولتنبرغ قد قال، في مؤتمر صحافي سبق الاجتماع المذكور، إن وتيرة النشاط العسكري للحلف قد ارتفعت مؤخراً إلى درجة «غير مسبوقة منذ الحرب الباردة».
"نحن أقوى حلف عسكري في العالم، وسنحافظ على هذه القوة من خلال التكيّف مع تهديدات جديدة"، قال ستولتنبرغ، كاشفاً أن الحلف ركّز على ضرورة مضاعفة حجم قواته للرد السريع، وتوسيع الوجود الجوي والبحري على تخومه الشرقية، وأنه يدرس إمكانية إجراء مزيد من التدريبات المشتركة والمشاورات وتبادل المعلومات مع «شركاء» كالسويد وفنلندا. وفي السياق نفسه، أعلن المتحدث باسم الجيش الليتواني، ميندوجاس نيمونتاس، أن «رؤساء أركان الجيوش في دول البلطيق (ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا) سيطلبون بشكل رسمي من القيادة العليا لحلف شمال الأطلسي في أوروبا نشر وحدة تابعة له بحجم لواء بشكل دائم في دول البلطيق» (يتراوح حجم اللواء في الجيوش الاطلسية بين 3 آلاف و5 آلاف جندي)، وذلك «كإجراء رادع» إزاء النشاط العسكري الروسي المتزايد جواً وبحراً، بحسب المتحدث. وتبرر الدول الثلاث تقاربها مع «الأطلسي» بخوفها من اتساع نطاق الأحداث الجارية في أوكرانيا، في ضوء إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، العام الماضي، أن من واجبه حماية الناطقين بالروسية في أرجاء الاتحاد السوفياتي السابق.
وكانت قمة لحلف شمال الأطلسي عُقدت في ويلز، في المملكة المتحدة، العام الماضي، قد وافقت على تعزيز قوات الحلف التي تتناوب على الانتشار في المنطقة، وتعزيز معداتها العسكرية، لكنها لم تقرر إنشاء قواعد ثابتة لجنود الحلف في دول البلطيق الثلاث وبولندا. وتنشر الولايات المتحدة 150 جندياً في كل من بلدان البلطيق الثلاث وبولندا (حوالى 600 جندي) منذ نيسان من العام الماضي، تنضم إليهم بين الوقت والآخر وحدات مماثلة العدد من القوات الأطلسية الحليفة. ويُتوقع أن تُدرج مسألة نشر قوات دائمة للحلف في المنطقة على جدول أعمال مؤتمر «الأطلسي» في العام المقبل في وارسو.
وفي رسالة سياسية غير بعيدة عن الأجواء الحربية، أعلنت إدارة الرئيس الاوكراني بيترو بوروشينكو يوم أمس أن الاخير عيّن السيناتور الاميركي المتشدد جون ماكين، الذي يمارس ضغوطاً على واشنطن لإرسال السلاح إلى أوكرانيا، مستشاراً له. وتسعى القوى الغربية وسلطات كييف إلى تشكيل مجلس استشاري يدفع بالدولة السوفياتية السابقة إلى إجراء «الاصلاحات» وتنسيق السياسات مع ما يسمى «المجتمع الدولي»، أي الدول الأطلسية و«شركاءها». وقال ماكين إن تولّي المنصب هذا سيكون شرفاً له، لافتاً الى ضرورة الحصول على موافقة من الكونغرس قبل أن يصبح عضواً في المجلس الاستشاري المذكور، إلى جانب رئيس الوزراء السويدي السابق كارل بيلدت المعروف بعدائه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين (اقرأ روسيا). وسيرأس المجلس الاستشاري ميخائيل ساكاشفيلي، الرئيس الجورجي السابق الموالي للغرب.

(أ ف ب، رويترز)