علي شهاب
«أنا في قفص أشبه بحيوان، ولم يسألني أحد إن كنت إنساناً أم لا».
هذه العبارة لسجين سابق في قاعدة غوانتانامو، أوردتها منظمة العفو الدولية في تقرير صادر في 11 نيسان 2004.
ظلت الادارة الأميركية ترفض الاعتراف بعمليات تعذيب للمعتقلين في الخارج حتى الأمس القريب، عندما أقرّ الرئيس جورج بوش بأنّ وكالة الاستخبارات المركزية الـ «سي آي إيه» لجأت الى «نوع من الاجراءات البديلة القاسية والضرورية» اثناء تحقيقها مع أعضاء في تنظيم القاعدة في سجون سرية، كشفت النقاب عنها صحيفة الـ «واشنطن بوست» في عام 2005، مثيرة ردود فعل دولية منددة.
وأمس، نشرت صحيفة الـ «نيويورك تايمز» تقريراً عن عمليات «تعذيب رهيب» تعرّض لها القيادي البارز في القاعدة أبو زبيدة على يد مسؤولي الـ «سي آي إيه»، عقب تسليمه من الحكومة الباكستانية إلى الأميركيين، الذين أودعوه في سجن سري في تايلاند في مطلع ربيع عام 2002.
وأشارت الصحيفة الى أن وقائع ما يجري مع ابي زبيدة في تايلاند «تنضح بمشاهد مرعبة، وتنطوي عى مخاطر لحكومة الرئيس جورج بوش»، مضيفة أن «حالة المعتقل تردت بسرعة، وبصورة مخيفة، الأمر الذي أدى الى نقله سراً الى أحد المستشفيات، بعدما حذّر اطباء من عدم بقائه على قيد الحياة اذا لم يتلقّ علاجاً مكثفاً».
وتلاحق فضائح التعذيب الادارة الأميركية منذ أحداث 11 ايلول، إذ تتذرع واشنطن بالحرب على الإرهاب من أجل احتجاز 520 معتقلاً، من 40 جنسية مختلفة، في قاعدة عسكرية في كوبا من دون محاكمة، فيما تتواتر الأنباء عن عشرات المعتقلين الآخرين في سجون سرية في اوروبا وجنوب آسيا.
وبينما استطاع مئات الصحافيين دخول معتقل غوانتانامو، ونقل مشاهدات عن معاملة السجناء داخله، لا تزال قضية السجون السرية محل «تعمية» من الادارة الأميركية. غير أن ما اصبح معلوماً حتى الآن في خصوص غوانتانامو، قد يقدم فكرة وافية عما يحدث في السجون السرية.
منذ أسبوع فقط، أعلن قائد معتقل غوانتانامو هاري هاريس، أنه سيكون في مقدور معتقلين من القاعدة الحصول على «القرآن ومستلزمات أخرى للصلاة، بالاضافة الى امكان تلقّي الرسائل، والحصول على العناية الطبية وثلاث وجبات غذائية تحترم ثقافتهم"، في اشارة الى اللحوم التي لا يتناولها المسلمون ما لم تكن مذبوحة بطريقة شرعية، أو اذا كانت من الخنزير.
وكانت مجلة «التايم» الأميركية نقلت مذكرات عسكري اميركي يذكر فيها وسائل تعذيب يستخدمها الحراس في غوانتامو من بينها «استخدام الكلاب، والمنع من النوم، وإرغام السجين على التبول في سرواله، وإسماعه موسيقى صاخبة، والتعرية من الثياب، وممارسات جنسية شاذة» بموجب قانون استثنائي استصدره وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، بمساندة من نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني.
أما اسبوعية الـ «نيوزويك»، فكشفت النقاب عن رمي محققين أميركيين نسخاً من القرآن في مراحيض القاعدة العسكرية، في معرض ممارسة ضغوط نفسية على المعتقلين.
وسائل تعذيب يبدو أنها باتت تمثّل نموذجاً تعتمده قوات الاحتلال في أنحاء العالم كله. ولعل أحد أبرز الأمثلة المعلنة على ذلك، ما حصل في سجن أبو غريب في بغداد، وغيره من المعتقلات في أنحاء متفرقة في العراق.
وكانت السلطات الأميركية، في كل مرة تثار فيها ممارسات غوانتانامو، ترفض التعليق على الموضوع، أو تفتح تحقيقاً ينتهي بعدم اتخاذ اي اجراءات، كما هي الحال مع قائد غوانتانامو السابق جيفري ميلر، الذي رفضت القيادة الجنوبية معاقبته، رغم اثبات تحقيق أجراه المكتب الاتحادي في المنطقة الجنوبية، في كانون الثاني من عام 2004، أن بعض المعتقلين تعرضوا لـ «معاملة سيئة».