في ظل الجهود الحثيثة التي يبذلها الأوروبيون والإيرانيون، التي أسفرت عن انطلاق حوار بناء حيال الملف النووي، تواصل واشنطن محاولاتها لعرقلة المحادثات بين الاتحاد الأوروبي وطهران، أو حرف مسارها نحو طريق مسدود يستدعي العقوبات التي تلهث وراءها الإدارة الأميركية، الى درجة أنها باتت تعتبر فرضها تعزيزاً للجهود الديبلوماسية.وأنذرت الولايات المتحدة إيران أمس ودعتها الى اتخاذ «الخيار السليم» بشأن برنامجها النووي لـ«تفادي عواقب» تحـــرك في مجــــلس الأمـن الـــدولي لفــــرض عقـــوبات عليـــها.
وقال المندوب الأميركي لدى «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، غريغوري شولت، في اجتماع للوكالة في فيينا أمس، إن «رفض إيران تعليق التخصيب يعني اختيار المواجهة بديلاً عن التفاوض»، ما يفتح المجال أمام عقوبات دولية، غير أن «باب الحل الديبلوماسي لا يزال مفتوحاً أمام إيران، وهي تعرف ما يجب القيام به».
وأوضح الديبلوماسي الأميركي أن «الخيار الإيجابي يتمثل بالنسبة الى المسؤولين الإيرانيين، في التعاون والقيام بأعمال ملموسة لطمأنة المجتمع الدولي بأن برنامجهم النووي سلمي». أضاف «اذا تجاوز الإيرانيون الحدود في مجال تخصيب اليورانيوم، فإن عملنا سيصبح أكثر صعوبة» في التوصل الى حلّّ تفاوضي.
من ناحية أخرى، قال شولت لـ«رويترز» أمس، «نعمل بالفعل مع أعضاء آخرين في مجلس الأمن لإعداد قرار يتضمن عقوبات محددة جداً». أضاف «لا نريد إلا أن نسمع رسالة واحدة بالغة الوضوح، وهي أن إيران تعلق تخصيب اليورانيوم، واذا لم نسمع ذلك فسنمضي قدماً في قرار العقوبات».
وأشار المندوب الأميركي، رداً على سؤال عن التحفظات على فرض عقوبات على إيران، الى أن «أحداً لا يتحمس للمضي قدماً نحو فرض عقوبات». أضاف «لكن الجميع يقرون أن إيران لم تلتزم (مهلة 31 آب) وهذا يعني أننا نحتاج إلى المضي قدماً في العقوبات لتعزيز الجهود الديبلوماسية».
وتمّ أمس إرجاء لقاء بين الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية خافيير سولانا وكبير المفاوضين الإيرانيين علي لاريجاني كان متوقعاً اليوم.
وأعلنت المتحدثة باسم سولانا أنه تحدث ولاريجاني هاتفياً مساء أمس و«اتفقا على عدم الالتقاء الخميس». الا أنها أضافت إن لقاءً سيعقد اليوم على مستوى «ممثليهما» في باريس، رغم أنهم التقوا أمس. وتابعت «نحن بحاجة إلى أن يواصل الممثلون العمل».
وقال ديبلوماسيون غربيون إن الانقسام بين الدول الكبرى شل الجهود الرامية إلى «كبح جماح» إيران وعرقل تحقيقات «وكالة الطاقة الذرية» في البرنامج، الأمر الذي ظهر واضحاً على هامش اجتماع مجلس وكالة الطاقة الذرية أمس.
وأشار ديبلوماسي من الاتحاد الأوروبي الى أن بريطانيا، أقوى حلفاء واشنطن، تتخذ موقفاً وسطاً نوعاً ما بين الخيارين.
وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمرة الأولى، إنما بحذر، عن احتمال موافقة موسكو على فرض عقوبات على إيران إذا فشلت المفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي، بحسب تصريحات له نشرها الكرملين.
وقال بوتين، خلال اجتماع مع خبراء أجانب السبت، «في ما يتعلق بالعقوبات، يبدو لي أنه يجب علينا وعلى شركائنا، بما في ذلك داخل مجموعة الست، دراسة هذا الموضوع وإجراء مزيد من المشاورات مع الطرف الإيراني، ومن ثم الانتقال الى (الحديث) عن نظام عقوبات». أضاف «إن كان ممكناً تفادي العقوبات، فهذا أفضل»، من دون أن يستبعد بشكل قاطع دعم بلاده لهذا الخيار.
وناشد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمس المسؤولين الإيرانيين التعاون مع المجتمع الدولي في الملف النووي. وقال أنان، في مؤتمر صحافي أجراه في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، إن «قلبه أفعم بالأمل» بعد المحادثات بين المسؤولين الإيرانيين والأوروبيين التي اعتبرت «بناءة ومثمرة». أضاف «يمكنني القول إن القلق يسود تلك المنطقة (الشرق الأوسط) وقال لي بعض القادة هناك لا يمكننا تحمل كارثة أخرى في المنطقة».
الى ذلك، وصل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس الى داكار ليبحث مع نظيره السنغالي عبد الله واد في الملف النووي الإيراني والتعاون بين البلدين.
وسيزور نجاد بعد ذلك كوبا للمشاركة في قمة دول «حركة عدم الانحياز»، ثم فنزويلا، بعد ذلك نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.