باريس ــ بسّام الطيارة
تسود الأوساط الأمنية الفرنسية حالة من القلق الشديد، بعد «إفراغ وتحليل شريط تسجيل أيمن الظواهري الأخير» الذي بثت قناة «الجزيرة» الفضائية القطرية مقاطع منه الاثنين الماضي، والذي دفع رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان أمس إلى القول إن الوضع في فرنسا «ينطوي بالتأكيد على مخاطر» داعياً إلى «التزام اليقظة».
وأوضح دو فيلبان، خلال زيارة لاميان في شمالي باريس: «لقد تفحصت مجمل المعلومات التي نملكها في هذا المجال والتي تؤكد قلقنا. وعلينا أن نكون حذرين ومتيقظين جداً كما هو حالنا منذ سنوات».
وتقول مصادر اطلعت على شريط الظواهري كاملاً إنه يحمل «تهديداً مباشراً لفرنسا» وإنه موجه لما تراه باريس «اليد الضاربة لمنظمة القاعدة في أوروبا وفرنسا بالتحديد» المعروفة بـ «الجماعة السلفية للدعوة والجهاد» المنشقة عن «الجماعة الإسلامية المسلحة» في العام 1998، التي سبق لها أن قامت بعمليات في فرنسا.
وأثار انتباه خبراء الأمن الفرنسيين في الشريط «الربط المباشر بين فرنسا والولايات المتحدة» والدعوة لوضع «شوكة في حلق الصليبيين الأميركيين والفرنسيين»، والمطالبة بـ «زرع الخوف في قلوب الخونة وأولاد المرتدين في فرنسا» من أجل «سحق أعمدة الحلف الصليبي».
ويقول مقربون من أجهزة الأمن التي تدرس كل ما يصدر عن الحركات «الإرهابية» إن مضمون هذا الشريط «يدور منذ أيام على مواقع الإنترنت المقربة من الجماعة السلفية للدعوة والجهاد» وإن أجهزة الأمن الفرنسية تتابع عن كثب تحركات الجماعة المذكورة، وخصوصاً منذ أن أعلنت انضواءها تحت راية القاعدة ومبايعة أسامة بن لادن السنة الماضية، وتعدها الأجهزة حالياً «أكبر خطر إرهابي يهدد فرنسا».
وبحسب تقدير هذه الأجهزة، فإن الجماعة قد فقدت معظم مراكزها القوية في الريف الجزائري وتراجع تأثيرها كثيراً في الأوساط السلفية في الجزائر، وهو الأمر الذي دفعها إلى «وضع قواها في تصرف شبكات الإرهاب العالمية، وخصوصاً القاعدة». وقد بدأت بوادر «العمل لمصلحة القاعدة» ومحاولات التقرب منها في أيار الماضي عندما هددت الجماعة «بضرب القواعد الأميركية في كل من مالي والنيجر».
وترى خلية محاربة الإرهاب (أوكلا) أن الجماعة تسعى إلى تجنيد إرهابيين من النيجر ومالي وموريتانيا، يتدربون في قواعد واقعة في المثلث الحدودي بين مالي وموريتانيا والمغرب والجزائر.
وتتخوف أوساط المخابرات الفرنسية من أن تحاول الجماعة القيام بضربة كبيرة في فرنسا لدعم موقفها تجاه الشبكات العالمية ورفع رصيدها بين الجماعات الأخرى الملتفة حول القاعدة.