القاهرة ــ خالد محمود رمضان
فجّر ابن الرئيس المصري حسني مبارك، جمال أمس، مفاجأة جديدة، عندما اعلن فى مؤتمر صحافي، أن مؤتمر الحزب الوطني المنعقد حالياً يناقش ضرورة تعيين نائب للرئيس، استنادا إلى أن هذه المادة واضحة في دستور مصر.
والمفاجأة في كلام أمين لجنة السياسات وأمين عام مساعد الحزب أنه يأتي في اتجاه معاكس لتصريحات مبارك الأب قبل اسابيع، اكد فيها أنه «لا يفكر إطلاقا في تعيين نائب»، وبرر ذلك بأنه «يخشى من ان يؤدي تعيين نائب إلى صراعات ووشايات تعطل مسيرة العمل الوطني». واعتمد مبارك في ذلك على أن «منصب نائب الرئيس فى الدستور ليس وجوبياً».
المثير أن جمال مبارك نفى في التصريحات نفسها نيته ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية. وشدد «قلت هذا من اربع سنوات ..ولا أزال متمسكا بموقفي».
وتعليقا على ما قاله عضو الحزب الوطني حسام البدراوي في حوار مع جريدة «الوطني اليوم» ان «من حق الحزب ترشيح جمال...وهذا لن يكون توريثاً»، قال مبارك الابن «افهمونى هذه المرة.. كل واحد من لجنة السياسات حر فى ان يرشحني او يرشح اي احد..هذا رأيهم.. لكنني لن ارشح نفسي».
تصريحات ابن الرئيس أثارت تكهنات مصادر ديبلوماسية غربية حول نية مبارك الأب تسمية مرشح لمنصب النائب، الذي لا يزال شاغراً منذ 25 عاما. وتتبادل مصادر معلومات غير رسمية مفادها أن مبارك قد يكون بصدد الإعلان للمرة الأولى عن تسمية شخصيتين، إحداهما عسكرية والاخرى مدنية، وان الغرض هو تقديم اشارة إلى عدم تركز السلطة فى يده.
ويقول ديبلوماسي غربي مخضرم لـ«الأخبار» إن «الكشف عن شخصية نائب الرئيس المرتقب، يعني معرفة هوية مصر واتجاهاتها السياسية والاقتصادية خلال المرحلة المقبلة».
وفي الحالتين اللتين غيّب فيهما الموت الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، كان بديلهما جاهزا للقيام بدوره من دون أي مشاكل حقيقية.
من هنا تأتي أهمية تصريحات جمال مبارك عن ضرورة «النائب»، لأن التعيين سيقدّم إشارة إلى طبيعة الرئيس المقبل. كما ان عدم وجود نائب لمبارك يهدد بحدوث فراغ سياسي في حالة غيابه المفاجئ بالموت أو المرض.
المثير ان حركة «كفاية» ستعلن اليوم نصوص دستور جديد، في الوقت الذي يلقي فيه الرئيس مبارك كلمة ختام المؤتمر الرابع. دستور «كفاية» لم ينص على ضرورة تعيين نائب للرئيس، رغم ان الهيكل العام للدولة هو جمهورية برلمانية وليس رئاسية، لكنها توسّع من صلاحيات رئيس مجلس الشعب. وبينما لم يلغ الدستور المقترح مادة الشريعة الاسلامية، فإنه يقلص من صلاحية الرئيس ويجبره هو وعائلته على عدم ممارسة نشاطات اقتصادية.
الملاحظ أيضاً ان جمال مبارك، هو حامل المفاجآت المثيرة؛ فبعد اعادة طرح الملف النووي المصري، تبدو قضية النائب هي الاهم بالنسبة إلى ملف الاصلاح السياسي، ثم يأتي الحديث عن الاهتمام بأحوال الاسر الفقيرة، وهي كانت كلمة سر قالها جمال وترددت من بعده فى كل جلسات المؤتمر امس.
فرئيس ديوان رئاسة الجمهورية الدكتور زكريا عزمي قال إن «حماية الأسر الفقيرة هي هدف أساسي للحزب، فالمطلوب مساندة تلك الأسر ولكن من خلال رؤية جديدة تقوم على تحسين ظروف عمل المرأة المعيلة وتمكينها اقتصادياً».
أما وزير التضامن الاجتماعي الدكتور علي مصيلحي، فأعلن أن الوزارة بصدد إنشاء قاعدة بيانات للأسر الفقيرة على مستوى الجمهورية حتى يمكن توجيه الدعم والخدمات الأساسية إليها.
وهذه لغة جديدة على جمال ومجموعته. فالاهتمام بالفقر كان دائماً ما يعتبر مؤشرا الى «ناصرية مستترة». ويبدو ان محاولة امتصاص الغضب الشعبي على رأس اولويات يتصدرها مبارك الابن، ويرتبط هذا بسر زيارة الرئيس مبارك المفاجئة الى السعودية قبل يوم واحد من افتتاح المؤتمر الرابع للحزب الوطنى الحـــاكم.
وبعيدا من المعلن من ان هدف الزيارة هو التنسيق بين البلدين، يخمّن القريبون من كواليس الرئاسة ان الهدف اقتصادي، وبالتحديد الاتفاق على ضخ استثمارات سعودية تتيح للحكومة بعض اجراءات تخفف من وقع الازمات الاقتصادية المتلاحقة على المواطنين، الذين لا تخفى معاناتهم مع تقاطع مواسم رمضان ودخول المدارس. ويعلنون ان لا صوت يعلو على صوت «أمة المصاريف».