طهران ــ «الأخبار»تكاد لا تنتهي مناورة عسكرية ايرانية إلا وتبدأ أختها التي تحمل اكثر من مفاجأة وجديد، فالتقدم اللافت على صعيد الصناعات العسكرية في ايران لا يقل أهمية عما يحدث على الصعيد النووي، فيما تشير مصادر مطلعة الى أن الكشف يوميا عن أسلحة جديدة هو إعلان الاستنفار العام في صفوف القوات المسلحة من أجل إحباط عنصر المفاجأة إذا تعرضت البلاد لضربة عسكرية اميركية او اسرائيلية.
وقال المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي الخامنئي أمس إن هذه السياسات العسكرية المتنامية هي «أحد الأهداف الكبرى لايران، وهي محض دفاعية لأن ايران دولة مسالمة ولا تشكل أي تهديد لأحد، وخاصة دول الجوار العربية القلقة من تعاظم هذه القوة، لكن طهران ترى أن تطوير قدراتها العسكرية وتجهيز القوات المسلحة بأحدث التقنيات الحربية هو امر ضروري للدفاع عن قيم الثورة والبلاد ومواجهة التهديدات العسكرية الخارجية ولا سيما الاميركية والاسرائيلية».
وجاء كلام المرشد الايراني أثناء تخريج دفعة من ضباط الكلية الحربية في مدينة نوشهر شمال البلاد، الذي تزامن مع مناورات بحرية جديدة، في إطار مناورات «ضربة ذوالفقار» الواسعة، والتي بدأت منذ اسابيع مستمرة، وهي مفتوحة لامد غير محدد على مساحة 16 محافظة ايرانية.
لكن ثمة اعتقاد بأن إعلان القوات المسلحة الايرانية عن إدخال بوارج وغواصات ايرانية الصنع الى أسطولها البحري يظهر تعاظما سريعا ومطردا في ترسانتها العسكرية التي لم تكشف طهران حتى الان سوى عن عشرة الى عشرين منها، حسب الجنرال ذبيح الله نامور، رئيس الهيئة التحضيرية للاستعراض العسكري المقرر يوم الجمعة في مناسبة وطنية، والذي كشف عن نية طهران استعراض صواريخ حديثة خلاله.
أما المناورات العسكرية في الشمال، فقد استخدمت فيها بوارج مدمرة، ايرانية الصنع، اطلق عليها اسم «الجوشن» تحمل على متنها مدافع ورشاشات ثقيلة ولديها قدرة تدميرية كبيرة، اضافة الى «السابحات» وهو اسم لغواصة صغيرة تصنع للمرة الأولى في ايران وبأعداد كبيرة وتتمتع بتقنيات عالية.
هناك نوع اخر من الاسلحة قالت قيادة الجيش إن ايران هي الدولة الثالثة في العالم التي تمتلك مثلها، وهي مدافع «الفجر 27»، التي يمكن التحكم بها عن بعد وتنطبق عليها المواصفات العالمية في مجال التصنيع العسكري وتمت تجربتها بنجاح للمرة الاولى في المناورات.
قد يستغرب المراقبون حجم وضخامة المناورات العسكرية في ايران مع الكشف يوميا عن اسلحة جديدة تطور داخل البلاد، لكنها قد تكون طبيعية اذا علمنا أنها في الواقع، وحسب مصادر مطلعة، اعلان الاستنفار العام في صفوف القوات المسلحة في مواجهة احتمال قريب لضربة عسكرية اميركية او اسرائيلية، وانها رسالة واضحة وشفافة بأن الايرانيين سيحبطون عنصر المفاجاة إذا نفذت عملية عسكرية ضد منشآتهم.
هذا الاستنفار ليس الاول من نوعه، فقد سبقه انذار آخر الربيع الماضي، وذلك بعد الكشف عن معلومات أكيدة حول نية الإدارة الأميركية القيام بضرب منشأة «ناتنز» النووية في اصفهان، وحينئذ وضعت قوات الحرس الثوري والجيش و«الباسيج» وكل القوى الامنية في حالة استنفار قصوى. كما تم تأليف «حكومة ظلّ» سرية في إحدى المحافظات بعيدا من العاصمة طهران، بحسب مصادر مطلعة، وذلك لادارة المعركة.
وتزامن الاستنفار مع مناورات عسكرية بحرية تمت فيها تجربة اسرع صاروخ في العالم تحت الماء، وهذه المناورات وعمليات استعراض الاسلحة الجديدة هي ربما التي دفعت بالقيادة الاميركية انذاك إلى التفكير مليا في إلغاء او تأجيل او التردد قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة، وذلك لتداعياتها وعواقبها وأثمانها التي يقول الايرانيون إنها ستكون باهظة.
وأشار قائد الحرس الثوري الايراني، اللواء يحيى رحيم صفوي، قبل ايام، الى ان «السياسات العسكرية الدفاعية لن تبقى على حالها اذا تعرضت بلاده لاعتداء بل ستصبح هجومية».