كرر الرئيس المصري حسني مبارك تصريحات ابنه جمال في بداية مؤتمر الحزب الحاكم عن الطاقة النووية والإصلاح والشرق الأوسط، في ما اعتبر إشارة إلى تناغم بين الرئيس وابنه في إدارة الدولة.
القاهرة ــ الأخبار

انتهى المؤتمر الرابع للحزب الوطني الحاكم في مصر بانطباع أساسي هو أن “الانطلاقة الثانية”، التي كانت شعاره، لا تخص سوى جمال مبارك، الذي بدا في “طبعة شعبية” وفق سيناريو جديد، غير الذي قُدّم به أول مرة من أربع سنوات.
لم يقل الرئيس حسني مبارك جديداً في كلمته سوى أن “العام 2007 هو عام الإصلاحات الدستورية، وأن الدورة البرلمانية المقبلة ستشهد تعديلات دستورية هي الأكبر والأوسع نطاقاً منذ العام 1980”. وأضاف أنها إصلاحات “ستضفي إلى مزيد من الضوابط على ممارسة رئيس الجمهورية لصلاحياته الدستوريةوأشار الرئيس المصري إلى “أن علينا أن نجدد استفادتنا من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، بما في ذلك الاستخدامات السلمية للطاقة النووية”، داعياً إلى الاستفادة من التقدم العلمي للتمكن من استعمال هذه الطاقة.
وقال مبارك إن الإصلاحات الدستورية سوف “تعيد تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتعزز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة وتوسع اختصاصات مجلس الوزراء. إصلاحات تحقق النظام الانتخابي الأمثل بما يعزز فرص تمثيل الأحزاب السياسية وتمثيل المرأة في البرلمان”.
وتابع مبارك أن الإصلاحات ستضفي”"مزيداً من الضوابط على ممارسة رئيس الجمهورية لصلاحياته الدستورية عند مواجهة أخطار تهدد سلامة الوطن أو تعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري”.
وتتجه الإصلاحات، التي يعد بها مبارك، إلى إعطاء مجلس الشعب صلاحية رفض أو تعديل الميزانية العامة للدولة التي ترفعها الحكومة سنوياً إليه، وتقليص سلطات رئيس الدولة، من خلال إضافة بعضها إلى صلاحيات الحكومة وإلغاء أو تعديل المادة 74 من الدستور التي أتاحت للرئيس الراحل أنور السادات العام 1981 اعتقال أكثر من 1500 معارض.
وقال مبارك الأب إنه “سيأخذ في الاعتبار آراء الأحزاب والجماعات المصرية المعارضة عند إجراء التعديلات الدستورية”. وأضاف: “أرحب بكل رأي وطني مخلص يسهم على نحو بناء في بلورة المعالم التي طرحتها للإصلاح الدستوري حين أتقدم بمقترحاتها لمجالسنا النيابية في الدورة البرلمانية المقبلة”.
وأشار مبارك إلى أن الإصلاحات ستتيح إلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1981 وسن قانون لمكافحة الإرهاب. وأضاف أن “الحديث في الغرب عن الإصلاح الديموقراطي في الشرق الأوسط يتجاهل حقيقة أن فشل عملية السلام في المنطقة هو أساس مشكلاتها بما في ذلك الإرهاب”.
وقال الرئيس المصري: “أثبتت التطورات الأخيرة خطورة الوضع في منطقتنا، ما بين العدوان الإسرائيلي على لبنان والتدهور الحادث في الأراضي الفلسطينية المحتلة والوضع في العراق والوضع في دارفور والقرن الأفريقي، فضلاً عن اضطراب منطقة البحيرات العظمى حيث منابع النيل والمخاطر الجديدة التي تهدد أمن الخليج والبحر الأحمر”.
وأضاف مبارك أن “إخفاق عملية السلام وتوقفها هو جوهر مشكلات الشرق الأوسط، ولقد آن الأوان لاعتراف القوى الدولية بهذه الحقيقة. إن أي حديث عن الشرق الأوسط الكبير أو الجديد إنما يتجاهل هذه الحقيقة. وأي حديث عن الحرب على الإرهاب لا بد أن يقترن بحديث مماثل عن جذوره ومسبباته”.
وقال مبارك: “سندافع عن رؤيتنا لمستقبلنا. سنتمسك بأن يبقى العالم العربي قلب الشرق الأوسط ونواته وركيزته ولن نسمح بمحاولة طمس هويتنا العربية أو تذويبها”.
اللافت أن مبارك الأب لم يحدد موعداً للإصلاحات، وأشار فقط إلى أنها ستحدث في “العام المقبل”، وهو أعاد تقريباً ما قاله مبارك الابن في الجلسات الأولى للمؤتمر، فأشار إلى موضوع “الطاقة النووية” والبعد الاجتماعي للغصلاح.
وكان جمال مبارك قد شدد مجدداً أمس على حق مصر في إجراء أبحاث عن الاستخدام السلمي للطاقة النووية، مشيراً إلى أن مصر من الدول الموقعة على اتفاقية حظر الانتشار النووي، التي تسمح لأعضائها بالاستخدام السلمي للطاقة النووية.
ولاقى هذا التصريح استجابة شعبية على مستوى واسع، وفسرته مصادر صحافية على أنه “محاولة لكسب ود المؤسسة العسكرية”، فيما رأت تفسيرات أخرى “أنها محاولة للإيحاء أننا ننافس إيران، أو على الأقل على طريقها كقوة إقليمية لا يمكن نكرانها”.
لكن مبارك الابن أكد أن المؤتمر وافق على ورقة الطاقة كلها، لا على الموضوع النووي فقط. وقال: “إن المشروع سلمي وسيستغرق حسب علمه ما بين 6 أو 7 سنوات، وإنه على عكس ما ابتعد به الخيال لن تكون الدراسات عسكرية. وسيقتصر على الاستخدام على الطاقة السلمية”.
وأكد وزير الكهرباء حسن يونس، من جهته، “أن مصر بدأت بالتفكير في هذا الاتجاه بعد استنفاد أنواع أخرى من الطاقة المائية والبترولية”.
وفي سياق آخر، تحدث جمال مبارك عن أميركا بنبرة جديدة عليه إلى حد ما، ورأى أن“السياسات الأميركية في المنطقة وانحيازها إلى إسرائيل تعطي المتشددين الأرض الخصبة والذريعة للاستمرار في تشددهم”. ولم يستبعد إمكان “حدوث خلافات بين مصر وأميركا”، مشدداً في الوقت نفسه على أن “ارتباط أمن مصر القومي بالأمن القومي العربي مسألة ليست محل مراجعة”.
ابن الرئيس، الذي كان معروفاً عنه أنه لا يبتسم ولا يناقش التفاصيل، ولا يهتم بمداعبة الرأي العام، أعلن عن طبعة جديدة تصلح للترويج الشعبي وتتحرك وفق سيناريو جديد يبعد عنه رجال الأعمال ورؤساء تحرير الصحف، التي أغرقت في شتائم موجهة إلى خصوم لجنة السياسات في الحزب الحاكم.
بدا مبارك الابن قريباً من مجموعة أخرى يتزعمها الدكتور عليّ الدين هلال، أمين الإعلام بالحزب والمرشح لخلافة صفوت الشريف في منصب الأمين العام. لكن هذا لم يؤثر في حركة الإصلاح السياسى البطيئة جداً.