مع عودة حركة الاحتجاجات على تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر عن الإسلام أمس من خلال تظاهرات واعتصامات “يوم الغضب” الذي أعلنته أكثر من جهة إسلامية، بادر الفاتيكان إلى دعوة سفراء الدول الإسلامية لدى الصرح البابوي وزعماء مسلمين في إيطاليا إلى اجتماع في قصره الصيفي يوم الاثنين المقبل، في محاولة منه لامتصاص نقمة المسلمين الذين يطالبون “الحبر الأعظم” بالاعتذار.وقال مسؤول رفيع المستوى في الفاتيكان بعد إرسال الدعوات الخاصة باجتماع الاثنين في كاستلجندولفو خارج روما إن “الغرض من هذا الاجتماع هو بدء حوار مع العالم الإسلامي”.
ويأتي هذا الاجتماع في إطار مساع ديبلوماسية من جانب الفاتيكان لتوضيح كلمة البابا التي ألقاها في ألمانيا الأسبوع الماضي، والتي رأى المسلمون أنها تصور الإسلام على أنه دين عنيف.
في غضون ذلك، حذر الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من أن تنامي التوتر بين الأديان العالمية يمكن أن يهدد الاستقرار، ودعا إلى الحوار والتعاون والتخلي عن الإجحاف.
وقال أنان، في رسالة قرأتها مساعدته في مكتب بناء الدعم للسلام، كارولين ماك اسكي، أمام مؤتمر تعاون الأديان من أجل السلام في نيويورك، إن “مجتمعنا العالمي يمر في فترة من تنامي التحامل الشديد والتطرف والعنف”، مضيفاً أن “التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط أججت هذا الاتجاه، ولقد تـــــأثرت العــــلاقة بــــين أتبــــاع الديــــانات الكبرى. وإذا لـــم تتــــم معــــالجــــة هــــذه المســــائل فـــــيـــمكن أن تهــــدد الاستــــقرار فــــي كثيــــر مــــن الأمــــــاكن”.
وفي هذا السياق، قال الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني أمس إن الجدل حول كلمة البابا جعل المسلمين يدركون قوتهم، مضيفاً، في خطبة الجمعة في طهران: “أضحى واضحاً أن المسلمين باتوا الآن يدركون قوتهم وأنهم على استعداد للدفاع عن أنفسهم”.
وقال الداعية الإسلامي الشيخ يوسف القرضاوي في خطبة الجمعة في الدوحة: “كان ينبغي لرجل كبير مثل هذا الرجل (البابا) أن يتأنى ويتريث قبل أن يقول كلاماً يتعلق بأمة كبرى تبلغ ملياراً ونصف مليار من البشر. ولكن للأسف لم يبال البابا بهذه الأمة”.
كذلك، قال الزعيم الروحي لطائفة الإسماعيلية، الأمير كريم آغا خان، إن الجهل والرفض يكمن في قلب الصراع بين العالمين الغربي والإسلامي، مشيراً، في حديث مع صحافيين في نيودلهي، إلى أن العالم يصارع “صدام الجهل، لا صدام الحضارات”.
وفي سياق التحركات الميدانية، خرجت بعد صلاة الجمعة أمس تظاهرات حاشدة في إيران ومصر وباكستان وفلسطين وأفغانستان وبنغلادش وغيرها من عواصم العالم الإسلامي.
وتجمع حوالى 500 شخص في باحة المسجد الأقصى في القدس المحتلة، محتجين على البابا الذي مهروا صورته بنجمة داوود في منشورات وزعت، كما تظاهر آلاف من أنصار (حماس) في الصفة الغربية وهتفوا: “بالروح بالدم نفديك يا محمد”.
واستعاض حزب جبهة العمل الإسلامي الأردني عن التظاهرة التي منعتها السلطات باعتصام شارك فيه العشرات، الذين طالبوا البابا بالاعتذار الصريح عن تصريحات رأوا فيها إساءة للمسلمين.
ووصف أمين عام الحزب زكي بن ارشيد، تصريحات البابا عن الإسلام والعنف بأنها “تأتي في سياق انخراطها في المشروع الأميركي الذي يهدف إلى صراع الحضارات، وتخدم المشروع الصهيوني”، داعياً الحكومة الأردنية إلى قطع علاقاتها مع الفاتيكان.
وكان البابا قد أعرب الاربعاء الماضي في روما عن احترامه العميق للمسلمين في مسعى جديد لإنهاء الجدل العنيف الذي أثارته تصريحاته في 12 أيلول، والتي عُدَّت مسيئة للإسلام.
(رويترز، أ ف ب، يو بي آي)