القاهرة ــ «الأخبار»
ليس هناك معلومات كثيرة متاحة عن اللواء عمر سليمان، الرجل الغامض الذي يقود جهاز المخابرات المصرية منذ 13 عاماً.
هذا الرجل، الذي يشغل منصب رئيس أهم جهاز أمني في مصر، رشحته بعض الأوساط الديبلوماسية الغربية والعربية، في معظم الأوقات، لخلافة الرئيس المصري حسني مبارك أو لمنصب النائب الذي لا يزال شاغراً منذ عام 1981.
وتطرح الأوساط الإعلامية والديبلوماسية بقوة حالياً، اسم اللواء سليمان بوصفه مرشحاً لشغل منصب نائب الرئيس، ولا سيما بعدما أعلن جمال مبارك، ابن الرئيس وأمين لجنة السياسات في الحزب الحاكم، أن الحزب يفكّر فى تعيين شخص ما في هذا المنصب الحيوي.
لكن اللواء، الذي يحظى بثقة مبارك الأب واحترام الشارع العادي، لم يعرف عنه يوماً انخراطه فى ملفات الشؤون الداخلية، كما أنه تحول فى الآونة الأخيرة وزيراً مواز لوزير الخارجية ومبعوثاً شخصياً للرئيس.
قبل سنوات، كان معظم المصريين يجهلون اسم الرجل الذي يتولى إدارة شؤون جهاز المخابرات العامة المصرية المكلف مكافحة عمليات التجسس التي تحاول بعض الدول الأجنبية، وخاصة إسرائيل، القيام بها ضد المصالح والأهداف المصرية الحيوية.
وقد لا تتوافر صورة واحدة «مع ابتسامة» للواء عمر سليمان الذي احتفل في تموز الماضي بعيد ميلاده الواحد والسبعين، حيث تكسو الجدية والصرامة ملامح وجهه على نحو مستمر، ما جعل البعض يصفه بأبي الهول، كما أنه لم يدلِ، خلال السنوات الماضية، بأي حديث أو تصريح صحافي، سواء لوسائل الإعلام المحلية أو العالمية.
الا أن مصادر ديبلوماسية عربية وفلسطينية قالت لـ«الأخبار» إن الوضع يصبح مختلفاً تماماً في القاعات المغلقة، حيث يكون الوجه الحقيقي للواء سليمان، الذي يعدّّ ثاني لواء في التشكيلة الحالية للحكومة المصرية بعد وزير الداخلية المصري اللواء حبيب العادلي. وتوضح هذه المصادر أن «خلف الأبواب المغلقة، يتحدث اللواء سليمان بطلاقة وبشكل مباشر وموجز، فهو يعرف كيف يصل إلى النقطة التي يريدها بشكل مباشر وحاسم في الوقت نفسه».
ورغم الغموض الذي يحيط بشخصية اللواء أو تاريخه في جهاز المخابرات الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى الأشهر الأولى من عمر ثورة يوليو 1952، فإن هناك من يقول إنه واحد من أكثر المسؤولين الذين يلقون احترام وتقدير الشارع المصري، بالنظر إلى النجاح المتواصل الذي سجلته المخابرات المصرية في عهده، في ما يتعلق بمكافحة أنشطة التجسس التي تقوم بها المخابرات الإسرائيلية (الموساد) ضد مصر.
وبعدما كانت وسائل الإعلام المصرية، وخاصة التلفزيون الرسمي، تتحفظ عن ذكر اسم المنصب الذي يشغله اللواء سليمان وتكتفي بالإشارة إليه بوصفه الوزير في شؤون الرئاسة بات هذا الاسم، أخيرا مرتبطاً بالدور المتزايد الذي بات يؤديه في عدد من الملفات الخارجية، كان أبرزها العلاقات مع السلطة الفلسطينية والفصائل المناوئة لها أو المتحالفة معها، فضلاً عن الحوار الفلسطيني الداخلي والعلاقات المصرية ـــ الإسرائيلية. وهو يعتبر بين العدد المحدود من المقربين من مبارك الذي يراه مرتين في اليوم على الأقل، في الصباح والمساء. وبات حامل الرسائل الأمين من الرئيس المصري إلى مختلف الزعماء في الأزمات الطارئة. وطبقاً لسيرته الذاتية غير المتداولة، فإن اللواء «أركان حرب» عمر محمود سليمان من مواليد القاهرة في الثاني من تموز عام 1935 وهو متزوج ولديه ثلاث بنات. رقي إلى رتبة لواء في الأول من شهر كانون ثاني عام 1984، وهو حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية وماجستير فيها، إضافة إلي ماجستير في العلوم السياسية من جامعة القاهرة. وهو حاصل أيضاً على زمالة كلية الحرب ودورة متقدمة في الاتحاد السوفياتي سابقاً.
وتعددت المناصب التي تولاها طوال خدمته في الجيش المصري. وعُين نائباً لرئيس جهاز المخابرات قبل أن يصدر مبارك في الرابع من آذار عام 1993 قراراًً جمهورياً بتعيينه على رأس الجهاز. وخاض عمر سليمان كل الحروب التي كانت مصر طرفاً فيها مثل حرب اليمن ثم حرب حزيران عام 1967 وحرب السادس من تشرين أول عام 1973. كما نال وسام الجمهورية من الطبقتين الأولى والثانية والعديد من الميداليات.