القاهرة ــ خالد محمود رمضان
الاهتمام الأميركي المفاجئ بالشرق الأوسط، بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، يحمل بصمات مخطط جديد، بدأت ملامحه بالظهور شيئاً فشيئاً، فبعد «محور المعتدلين»، ستكون «معادلة التطبيع» على طاولة البحث
يبدو أن الجولة الشرق أوسطية لوزير الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تستهدف طرح معادلة «تطبيعية» على الدول العربية «المعتدلة»، فإحياء عملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي يكون فقط بعد إسقاط المقاطعة العربية لإسرائيل.
وكشفت مصادر ديبلوماسية أميركية وعربية متطابقة في القاهرة، لـ «الأخبار»، عن مساعٍ أميركية لإقناع الدول العربية بالتخلي نهائياً عن المقاطعة العربية الاقتصادية لإسرائيل في مقابل إعادة إدارة الرئيس جورج بوش إحياء جهودها الرامية إلى تفعيل عملية السلام المجمدة على المسار الفلسطيني والإسرائيلي.
وأشارت المصادر إلى أن رايس، التي تحدثت الشهر الماضي عن «شرق أوسط جديد»، ستلتقي على هامش زيارتها إلى القاهرة يوم الثلاثاء المقبل، وزراء خارجية كل من مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي الست بهدف مساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين على دفع العملية السلمية.
وأوضحت المصادر نفسها أن «هذا الاجتماع هو جزء من السياسة الأميركية النشطة لتشجيع الدول العربية على تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل»، مشيرة إلى أن واشنطن رفضت مساعي القاهرة والدوحة لإقناعها بمشاركة كل من سوريا ولبنان وفلسطين في هذا الاجتماع، من دون تفسيرات مقنعة.
وقال ديبلوماسي عربي رفيع المستوى في القاهرة، لـ «الأخبار»، إن «صيغة اجتماع الثلاثاء تعني ببساطة أن واشنطن بدأت عملياً محاولة خلق وضع سياسي غير معهود في منطقة الشرق الأوسط تُعزل بموجبه سوريا واستغلال توتر علاقاتها مع كل من مصر والسعودية».
وسعت القاهرة لاستباق جولة رايس بعقد قمتين، الأولى مصرية فلسطينية ستجمع الرئيس المصري حسني مبارك ونظيره الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) اليوم، وأخرى غداً بين مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني. وقالت مصادر إن القمة المصرية الأردنية ستطلق مشروع مبادرة ثنائية لتفعيل عملية السلام استناداً إلى مبادرة السلام العربية.
وترددت أمس معلومات غير رسمية عن مساعٍ محمومة لتأمين إبرام صفقة تبادل الأسرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلى، إما من خلال جولة رايس أو عقب انتهائها مباشرة، لإيحاء أن الديبلوماسية الأميركية ساهمت فى حلحلة الأمور على هذا الصعيد.
وفي هذا السياق، قال الرئيس الفلسطيني، في مقابلة تنشر اليوم في القاهرة، إن الحكومة المصرية هي التي تتولى الوساطة وتتابع الحوار من أجل إطلاق سراح الجندي الأسير، مشيراً إلى مطالبته بإطلاق سراح القياديين وأعضاء المجلس التشريعي السابق والحالي مثل مروان البرغوثي وعبد الرحيم ملوح وأحمد سعدات وغيرهم.
وفي السياق، أفادت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، أن المفاوضات على صفقة شاليط وصلت إلى طريق مسدود. ونقلت الصحيفة عن مصادر وسيطة في المفاوضات أنه من الواضح لكل من إسرائيل و«حماس» أن ثمة عملية تبادل أسرى ستحصل، إلا أنه لا اتفاق بشأن عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم في مقابل شاليط، ولا أسمائهم ولا توقيت الإفراج عنهم.
وشددت مصادر «هآرتس» على أن مصر لا تزال الوسيط الرئيس في قضية شاليط، نافية ما تردد من أن حركة حماس جمدت الاتصالات مع مصر في هذا الموضوع.
ودعا الرئيس الفلسطيني أمس إلى عقد مفاوضات سرية مع الإسرائيليين بعيداً عن الإعلام، مشيراً إلى أن مبدأ احترام الاتفاقات الموقعة يعني ضمناً الاعتراف بإسرائيل طبقاً لاتفاق أوسلو. وقال: «إننا طلبنا أكثر من مرة من الإسرائيليين إيجاد قناة خلفية للمفاوضات حتى نبدأ بشكل هادئ مفاوضات غير معلنة، ثم ننضج ما نريد إنضاجه، وبعد ذلك يتم إعلانها ولكن مع الأسف لم يحدث ذلك حتى الآن».
وطالب عباس بتحديد خطة زمنية مرحلية لبدء تطبيق «خريطة الطريق»، مشيراً إلى وجود فكرة لبدء التنفيذ بالمرحلة الأخيرة من الخطة، أي معالجة قضايا المرحلة النهائية وهو عكس ما كانت تتم المطالبة به بالبدء بالمرحلة الأولى.