ليس من قبيل التفكير بالتمني القول إن مركز ثقل النشاط الاقتصادي العالمي ينزاح من الغرب إلى الشرق تدريجاً، فحتى إسرائيل، المرتبطة عضويا بالغرب، لم يخطئها هذا التحول التاريخي، فراح رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، «يتّبع سياسة نشطة لتحويل العلاقات التجارية بعيداً عن أوروبا، التي لا تزال الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، ونحو الأسواق الناشئة»، ولأسباب «براغماتية وسياسية» أيضاً، وفق مقالة في جريدة «فاينانشال تايمز» بعنوان «ارتفاع الاستثمارات الصينية في الشركات الإسرائيلية». وفي المقالة التي نُشرت قبل أيام، يتوقع كاتباها أن يفوق الاستثمار الأجنبي المباشر الصادر عن الصين الوارد إليها، وهو يقدر بنحو 128 مليار دولار عام 2014، وذلك في العام الجاري، وللمرة الأولى تاريخياً.

«عندما عقدت إسرائيل مؤتمرها الأكبر للتكنولوجيا الزراعية (Agrivest) الشهر الماضي، كان واحداً من كل 10 من الموفدين من الصين»، يورد كاتبا المقال، جون ريد وشارلز كلوفر، هذا مثالا على «تقدم الشركات الصينية داخل إسرائيل بصورة أعمق وأبعد من أي وقت مضى»، وبترحيب من الشركات والمسؤولين الإسرائيليين.
بلغت قيمة
التجارة الصينية مع إسرائيل 11 مليار دولار العام الماضي

وقد بلغت قيمة التجارة الصينية مع إسرائيل 11 مليار دولار العام الماضي، أي قرابة ضعف القيمة المسجلة في 2010، وفق المقالة نفسها التي تلفت إلى أن التجارة مع الصين لا تزال تمثّل أقل من 10% من إجمالي التجارة الخارجية لإسرائيل، مقارنة بالثلث مع أوروبا، والربع مع أميركا الشمالية. وينقل كاتبا المقالة عن وزارة الاقتصاد الإسرائيلية أن الاستثمارات الصينية لا تقتصر على البنى التحتية وشركات الإنتاج السلعي الكبرى، بل تذهب أيضاً إلى شركات أصغر، وخاصة المختصة بتطوير التكنولوجيا، ولا سيما تكنولوجيا الزراعة وإدارة المياه.
في سياق السعي الصيني للاستحواذ على التكنولوجيا الأجنبية، اشترت شركة «Bright Food» غالبية أسهم شركة «Tnuva»، المنتج «الإسرائيلي» الأكبر لمشتقات الحليب، في صفقة بقيمة ملياري دولار أميركي، هي الأكبر من نوعها منذ 2011، حينما اشترت «شركة الصين الوطنية للكيميائيات»، شركة «أداما» لإنتاج المبيدات الحشرية (التي كانت معروفة آنذاك باسم Makhteshim Agan)، وذلك بمبلغ قدره 2.4 مليار دولار، كما تلفت المقالة إلى «قدوم المال الصيني إلى إسرائيل حديثاً فقط، متسبباً بالقليل من ردود الفعل السياسية (السلبية)، حتى في ما يتعلق بمشاريع بنية تحتية حساسة»، كمشروع إنشاء شركة «China Harbor» لميناء جديد في مدينة أسدود، بقيمة 3.3 مليارات شيكل (1 دولار = 3.8 شيكلات).
ومنذ عقد من الزمن، كانت الاستثمارات الخارجية الصينية تركز أساساً على تأمين المواد الأولية من أماكن كأفريقيا وأميركا اللاتينية، وكانت مدفوعة أساساً من شركات الطاقة والاستخراج التي تملكها الدولة.
أما الآن، فإن الفورة الضخمة في استثمارات الصين الخارجية تستهدف أساسا الأصناف والتكنولوجيات التي تفتقر إليها السوق الصينية المحلية، وهي تأتي من الشركات العامة والخاصة على حد سواء، كما جاء في المقالة نفسها.
(الأخبار)