القاهرة ــ عبد الحفيظ سعد
«خبر في مواجهة خبر». يبدو أن هذه هي الاستراتيجية التي تعتمدها سلطات الأمن المصرية للرد على إعلان الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري انضمام «قيادات» في الجماعة الإسلامية المصرية إلى التنظيم، فسرّبت أمس معلومات عن إعلان «توبة» لتلاميذ الظواهري في السجون المصرية.
الخبر يقول إن أشهر تلاميذ الظواهري في تنظيم «الجهاد»، نبيل نعيم، ومحمد يوسف وفاروق معوض الموجودين في سجن «طرة»، انتهوا من المراجعة الفكرية لأفكار التنظيم، في اطار مبادرة لوقف العنف نهائياً، على غرار ما فعلت الجماعة الاسلامية بداية العام 1997. وستصدر هذه المجموعة كتاباً يتضمن اعادة النظر في مبادئ «الحاكمية» و«الخروج على الحاكم» و«الجهل بالحذر».
أنهى نبيل نعيم الكتاب تقريباً، وينتظر عرضه على علماء من الازهر يتمتعون بالحياد. ويتجه اختياره صوب المفتي الاسبق نصر فريد واصل لإجراء مناقشة فقهية حول الافكار الجديدة للتنظيم، الذي كان مركز تفكيره هو تغيير الحاكم بالعنف.
ونفى ابراهيم نصر، محامي نبيل نعيم، ان تكون مبادرة «الجهاد» بمشاركة الجماعة الاسلامية. وقال إن «بعض قياديي الجهاد التقت أخيراً قياديين من الجماعة الاسلامية في سجن طرة اثناء زيارتهم لأحد قياديي التنظيم فى المعتقل. لكن اللقاء لم يتطرق إلى أمور تنظيمية وعلى الاخص مبادرة وقف العنف».
ويبدو أن النقاشات بشأن المراجعات ووقف العنف تدور بين قياديي «الجهاد» منذ فترة، لكن لم يعلن عنها الا بعد اعلان الظواهري عن انضمام «فرسان» من الجماعة الاسلامية الى «القاعدة». وهو ما أزعج أجهزة الامن ودفعها إلى الموافقة على ظهور أمير الجماعة الاسلامية على شاشات التلفزيون، كرم زهدي، وتكذيب الخبر الذي اذاعه الظواهري بنفسه.
لكن الموضوع لم ينته عند هذا الحد، فهناك جناج من «الجهاد» ضد «التوبة» عن العنف، مقرّه سجن المرج شمال القاهرة، ويقوده مجدي سالم، المتزوج بأرملة محمد عبد السلام فرج، الأب الروحي لتنظيم «الجهاد» وواضع خطة اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات عام 1981.
ويقدر عدد مجموعة نبيل نعيم بنحو 600 شخص، أغلبهم مقربون من الظواهري. وهذه العلاقة هي وراء تعطيل الاعلان النهائي عن «المراجعة»، إذ ترفض المجموعة ادانة الرجل الثاني في «القاعدة»، الذي يدينون له بالولاء حتى الآن.
ولا يتجاوز عدد المجموعة المعارضة للمراجعة 300 معتقل لا يزال موقفهم يحيّر اجهزة الامن. فهم يرفضون العنف المسلح ضد الحاكم، لكنهم يرفضون، في الوقت نفسه، الاعتراف بأنهم كانوا على خطأ في العمليات التي اعتقلوا بسببها اثناء الصدام مع النظام المصري فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. الأمر الذي يعني، من وجهة النظر المتابعة لخط المراجعات، ان هذه المجموعة تنظر لوقف العنف على انه مجرد خيار تكتيكي.
غير أن كمال حبيب، أحد قياديي تنظيم «الجهاد» في الثمانينيات، يرى أن الأزمة الحقيقية في المراجعات ترجع الى اختلاف طريقة بناء «الجهاد» عن طريقة الجماعة الاسلامية، فالجماعة تنظيم هرمي، الكلمة العليا والنهائية فيه للقائد او الامير الذي لا يمكن الخروج على طاعته. اما الجهاد فتنظيم عنقودي، حيث لكل خلية امير يصدر لها الأوامر.
وبرغم التنسيق بين «أمراء العناقيد»، فإن الولاء ليس لشخص واحد، ما يعني ان المراجعة لن تخص التنظيم كله فى هذه الحال، ولن تكون ملزمة الا لصاحبها.
وهكذا، فإن ما يحدث يعدّ «توبة داخلية» او مراجعة تخص «الداخل»، وهي ليست مفروضة على الظواهري ولا على المنتقلين من التنظيم المحلي الى «اممية» القاعدة في الخارج. المراجعة تخص مجموعات بعينها ولن تحقق الضجة الاعلامية نفسها التي حققتها مراجعات الجماعة الاسلامية.