القاهرة ــ عبد الحفيظ سعدتراجعت الحكومة المصرية «مؤقتا»، في اللحظة الاخيرة، عن قرارات كان من شأنها تفجير «ثورة خبز» تعيد الى الاذهان ما حدث فى 18 و19 كانون الثاني عام 1977 بعد الأزمة التي فجرتها وزارة التضامن الاجتماعي.الأزمة الجديدة فجّرتها حقيبة مستحدثة في الحكومة الثانية للدكتور احمد نظيف سمتها المعارضة «وزارة الفقراء» لأنها جمعت بين «الشؤون الاجتماعية» و»التموين» الموروثتين من النظام الاشتراكى ايام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

«إلا رغيف العيش»... هذه هي الصرخة التي هاجمت بها الصحف المستقلة والمعارضة قرارات وزير التضامن علي مصيلحي بفرض عقد جديد بين الوزارة واصحاب المخابز يلغي دعم الطحين بشكل غير معلن.
كان الوزير حاداً فى البداية، وقال انه يمهل اصحاب المخابز حتى نهاية الشهر الجاري ليوقعوا العقد الجديد.
ردّ اصحاب المخابز بأنهم سيضطرون فى هذه الحالة الى تغيير وزن الرغيف من 135 غراماً (الوزن الرسمي) الى 90 غراماً.
أما الحلّّ الثاني، فكان فى رفع سعر الرغيف الى الضعف، اي من خمسة قروش الى 10 قروش، وهو ما يمثل اكبر زيادة سيتحملها حوالي 80 في المئة من الشعب المصري، والذين لا يقدرون على شراء الانواع الأفضل من الخبز، ويقفون فى الطوابير التي بدأت تعود مع بداية ازمة العقد الجديد.
«النقلة» في سعر الخبز تتم بالشكل الذي اعتاده الحزب الحاكم فى رفع الاسعار من دون حدوث صدمة كالتي حدثت في العام 1977، وهي زيادة طبيعية بعد رفع اسعار الوقود بنسبة 30 في المئة بشكل مفاجئ، وسمَّتها الحكومة «تحريك» وليس «زيادة». وعبر الخبز، تريد الحكومة التخلص من اعباء تسعة مليارات جنيه تتحملها ميزانية الدولة للمحافظة على السعر العادي للرغيف.
لم تغيِّر الحكومة رأيها والوزير لم يخفف حماسته الا بعد تهديد أصحاب المخابز البلدية؛ فقررت الحكومة الدخول فى مفاوضات من أجل إرضائهم حتى لا يتأثر انتاج الخبز، وطرحت حلولا عديدة من بينها الغاء المخالفات على المخابز في مقابل التوقيع على العقد الجديد الذي يخفف مراقبة الدولة ويسمح باتفاق شبه سري بتقليل وزن الرغيف 10 غرامات فقط لتعويض فارق الزيادة في السعر. واصبح من المؤكد ان تراجع الحكومة عن قرارها هو تـأجيل وليس حلاً للمشكلة التي من شأنها أن ترفع معاناة شرائح فقيرة ومتوسطة داخل المجتمع المصري.
ووصل الاحساس بالمعاناة الى درجة ان اصحاب التليفونات المحمولة يتناقلون، عبر رسائل قصيرة، اغنية المطرب القريب من المزاج الشعبي بهاء سلطان، والتي تقول: «الواد قلبه بيوجعه... عايز حد يدلعه»، والرسالة تحمل تحريفاً في الاغنية عبر استبدال كلمة «الواد» بـ«الشعب» و«حد» بـ«الحكومة». والمثير ان شائعات انتشرت فى القاهرة تقول ان السلطات الامنية تحقق مع المطرب الذي تتهمه بأنه حرَّف الأغنية بصوته.