الناصرة ــ فراس خطيبيُعد أرييل شارون، الذي تدهورت صحته أمس ورشحت أنباء غير رسمية تفيد بأنه فارق الحياة، حالة إسرائيلية تركت أثرها عميقاً على السياسة الاسرائيلية. ولعل أبرز ما ميز سيرته الذاتية، كما ذكرها الصحافي الاسرائيلي من «هآرتس» عوزي بنزيمان أنه «لا يتوقف عند الضوء الأحمر»، نتيجة مسؤوليته الشخصية عن المجازر في لبنان وفلسطين منذ العام 1948 حتى نهاية حياته.
ما ميزه هو العمل على «أدلجة» سياسة البطش التي اتبعها على مدار عشرات السنوات واستطاع أن يجرّ الجمهور الاسرائيلي من ورائه بديماغوجيته المعهودة، إلا أنهم، في أغلب الأحيان، عادوا خائبين نتيجة سياسة البطش والتهور التي لم تجلب شيئاً لاسرائيل. ولعل أبرز مثال على هذا هو حرب لبنان الأولى التي أجبر شارون خلالها على أن يستقيل من وزارة الأمن.
ولد أرييل شارون في27 أيلول عام 1928، في «كفار ملال». يسكن وعائلته في «حفات هشكميم» الواقعة جنوب فلسطين المحتلة ويملك بيتاً في البلدة القديمة في القدس المحتلة. تزوج مرتين. قتلت زوجته الأولى، مرجليت شارون، في حادث طريق، وتزوج أختها ليلي من بعدها التي توفيت هي أيضاً بمرض عضال في العام 2000. له ابنان، عمري وجلعاد، ومات ابنه غور في العام 1967 نتيجة رصاصة طائشة من بندقية كانت معلقة عند مدخل البيت.
شارك شارون في كل الحروب التي خاضتها اسرائيل منذ عام 1948، حيث انضم في العام 1945 إلى «الهجناة»، وعين في العام 1948 قائداً للواء الاسكندروني، الذي لا يزال قائماً حتى الآن وتكبد خسائر جسيمة في الحرب الأخيرة في لبنان. اقترح شارون في العام 1952، تأليف وحدة من السجناء الجنائيين لفترات طويلة، وألفوا وحدة تسمى «101» لمواجهة الفدائيين الفلسطينيين. يُعد المسؤول المباشر عن مجازر دير ياسين وقبية وصبرا وشاتيلا، إضافة الى الكثير من الأحداث الدموية على امتداد حياته العسكرية.
عين قائداً لفرقة المظليين في العدوان الثلاثي على مصر، وقائداً للواء المدرعات في حرب الأيام الستة عام 1967. ترك الحياة العسكرية في عام 1973، لكنه عاد اليها مع اندلاع حرب تشرين وقاد المدرعات.
رغم «الانجازات» العسكرية التي حققها شارون لاسرائيل إلا أنَّ حرب لبنان وحملة «سلامة الجليل» ظلَّت علامة سوداء في تاريخه السياسي، إذ تكبد الاسرائيليون فيها خسائر جسيمة وظلوا عالقين في لبنان حتى العام 2000. وكان شارون قد أقنع رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينه مناحيم بيغن بتنفيذ تلك الحملة التي كان هدفها المعلن «ابعاد مستوطنات الشمال عن مدى الصواريخ الفلسطينية، وتصفية قيادة وعناصر المنظمة في لبنان عسكرياً وسياسياً، واقامة حكومة قانونية في لبنان توقع اتفاق سلام مع اسرائيل، وابعاد السوريين عن منطقة بيروت»، لكنه لم ينجح.
ارتكب في 16 أيلول 1982 مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان، وتألفت لجنة تحقيق رسمية برئاسة القاضي إسحاق كاهن قالت «إن هناك مسؤولية شخصية ملقاة على عاتق شارون في المجزرة» فاضطر للاستقالة من منصب وزير الأمن.
انتخب شارون للكنيست في العام 1974 عن «الليكود»، لكنّه خرج بعد عام وعمل مستشاراً لرئيس الوزراء اسحق رابين في حينه. أسس حزب «شلوم تسيون» عشية انتخابات الكنيست التاسع وفاز بمقعدين في البرلمان. انضم حزبه الى حزب «حيروت» في إطار «الليكود». وكان نائباً من قبل «الليكود» منذ الكنيست التاسع حتى الكنيست الثالث عشر. شغل مناصب عديدة منها وزير الزراعة والأمن والخارجية والبنى التحتية.
بعد فوز حزب «العمل» بقيادة ايهود باراك برئاسة الحكومة، استقال بنيامين نتنياهو من رئاسة «الليكود» وسافر الى الولايات المتحدة وتولى شارون رئاسة الحزب. سقطت حكومة باراك في عام 2001، وعاد نتنياهو من الولايات المتحدة، إلا انه رفض ترشيح نفسه لرئاسة الوزراء لأنها لا تتضمن انتخابات شاملة للسلطة التشريعية، فرشح شارون نفسه واصبح رئيساً للوزراء، وظل على رئاسة الليكود ورئاسة الوزراء وحقق الليكود في عهده انجازاً وصل الى 42 مقعداً. ومن بعدها، انسحب من الليكود في العام 2005، وشكل حزب «كديما»، إلا انه اصيب بانفجار في الدماغ في 4 كانون الثاني من عام 2006 وتولى رئاسة الحزب ايهود اولمرت بدلاً منه.