غزة ــ «الأخبارلقد عدنا بالأمس من لبنان». عبارة رددها جنود الاحتلال الاسرائيلي امام العائلات الفلسطينية في مخيم عسكر للاجئين، القريب من مدينة نابلس عندما اقتحمت ما يزيد على ثلاثين آلية عسكرية المخيم، ودهمت منازله بحثاً عن «مطلوبين».قرابة الساعة الثانية فجراً، اقتحمت الآليات الحارة الجنوبية للمخيم وهي تردد عبر مكبرات الصوت: «لقد عدنا من لبنان».
البداية تكون بتقدم ـ وحوش الحديد ـ كما يحب الفلسطينييون تسميتها؛ وهي بلدوزرات ضخمة، تحاصر المنازل المستهدفة لساعات قليلة قبل ان تبدأ بمهمة التدمير، غير مكترثة بصيحات صادرة من منزل عائلة الطيبي الذي تسكن فيه الحاجة أم خليل (70 عاماً)، التي قضت فوراً اثر نوبة قلبية حادة بعدما اصابت القذائف والرصاص منزلها الملاصق لمنازل عائلة النادي التي سويت بالأرض بعد اعتقال اربعة اشقاء من العائلة.
الشاب حسن ارشيد (35 عاماً)، هو احد اقارب الشهيدة ام خليل، قال انه حاول مع بعض الجيران ابلاغ الجنود بوجود مسنة في المنزل المجاور كي يسمحوا لسيارة اسعاف بإخراجها، إلا ان الجنود رفضوا ذلك، بذريعة أن العملية العسكرية لم تنته.
أم خليل لم تكن الضحية الوحيدة، فالاصابات بلغت ثماني، اصغر المصابين سناً هو الفتى جميل زيتاوي (16عاماً)، الذي اصيب برصاصة في الوجه.
مكان العملية لم يكن بعيداً عن حارة السوق التي لا تزال تعيش آثار دمار عملية عسكرية سابقة قبل اقل من اسبوعين.
أعلام حزب الله حاضرة في المكان، ولا سيما اثناء المواجهات العنيفة التي شهدها شارع المخيم الرئيسي بين عشرات الشبان ودوريات الاحتلال، وقد اصيب خلالها ثمانية فتية بجراح .
ابراهيم سناكرة، فتى لم يتجاوز الرابعة عشرة، كان ينتظر الفرصة المناسبة ليواجه جنود الاحتلال، ليس بحجارته الصغيرة، بل بعبارات «أرجعوا علبنان روحو شوفو حزب الله شو عمل فيكم».
«هنا الضاحية الجنوبية»، قالها الفلسطيني أحمد السعدي وهو يشاهد الدمار الهائل الذي خلفته الجرافات وآليات الاحتلال بمنازل الحارة الجنوبية من المخيم.
الجنود كانوا يتفاخرون وهم يرددون: «لقد عدنا بالأمس من لبنان»، ظناً منهم ان هذا سيخيف سكان المخيم، لكن الجواب كان من الصغار راشقي الحجارة الذين قالوا لهم: «اذهبوا وشاهدوا رجال نصر الله ... اذهبو الى بنت جبيل».
ومرت الذكرى الاولى لبدء الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، اثر احتلال دام 38 عاماً، كسائر الأيام العادية، في ظل استمرار اول عملية واسعة النطاق تشنها اسرائيل في القطاع.
ويشكو ابو ياسر (50 عاماً) الذي يملك متجراً للأدوات المنزلية في غزة: «يقول (الاسرائيليون) انهم انسحبوا، وهم موجودون في كل المناطق واشتد القصف والقتل بعد هذا الانسحاب وخربت الأوضاع الاقتصادية كثيراً».
وتفاقم الوضع الاقتصادي بعدما قطعت الدول الغربية المساعدات المالية عن الفلسطينيين اثر وصول حماس الى السلطة.
ويقول الياس الياس، الموظف في احد مستشفيات غزة: «كنا نتوقع ان تتحسن الاوضاع الاقتصادية والحرية في الحركة والسفر بعد تحرير غزة، ولكن ما حصل للأسف هو العكس».
وقال أدهم (35 عاماً) البائع في احد المتاجر الكبرى: «ان الوضع كارثي، حيث انه لا رواتب للموظفين، لأن غزة تعتمد على هذه الرواتب والحكومة عاجزة».
وحذرت الحكومة الفلسطينية أول من أمس من احتمال تصعيد اسرائيلي ضد الفلسطينيين «تعويضاً» من «الفشل» في لبنان.
وكانت الامم المتحدة قد حذرت في مطلع آب من «المأساة» المستمرة في غزة، فيما يتركز الاهتمام الدولي على الحرب في لبنان.
في غضون ذلك (رويترز)، أعلن المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سامي أبو زهري أمس أن «الوسطاء المصريين قدموا لحماس وفصائل فلسطينية أخرى اقتراحاً جديداً» بخصوص قضية الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شليط.
وقال مصدر مقرب من المفاوضات إن الاقتراح يدعو حماس لتسليم شليط إلى السلطات المصرية مقابل إطلاق سراح نحو 600 من السجناء الفلسطينيين ومنهم نساء وأطفال، على أن تطلق سلطات الاحتلال سراح مجموعة أخرى في وقت لاحق.
الى ذلك (أ ف ب)، أفاد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة بأن الرئيس محمود عباس اجتمع برئيس الوزراء اسماعيل هنية في مقر الرئاسة في غزة، حيث جرى البحث في الاوضاع الداخلية، فضلاً عن قضــــــية الجنـــدي الاسرائيـــــلي الاسيـــر. وأكد هنية أنه ليس لديه أي اعتراض على تأليف حكومة وطنية «لكن هناك قضايا تحتاج لبحث معمق مع الرئيس ومع الفصائل الفلسطينية».