strong>«أكلناها»، «فشلنا»، «محبطون» ... هذه بعض التعابير التي يستخدمها الجنود الإسرائيليون في وصف الأهوال التي شهدوها
في الجنوب اللبناني. لم تكن غالبية الجنود تتوقع ما ينتظرها في حربها على ما سمته «الوعي».

الناصرة ــ فراس خطيب

لا تزال ألوية الجيش الإسرائيلي العائدة مطأطأة الرأس من الجنوب اللبناني تفتح «جروحها المزمنة» في أعقاب الخسائر التي تكبدتها كل كتيبة على حدة، فبعد جنود كتيبة «المظليين» الإسرائيلية، يروي قادة كتيبة المدرعات ما جرى في حادثة وادي السلوقي، عندما دمرَّت المقاومة اللبنانية عشرات الدبابات من نوع «ميركافا»، وقتلت في المواجهات نفسها 12 جندياً إسرائيلياً وجرحت العشرات.
يتساءل أحد الجنود الإسرائيليين «لماذا نحن هنا بعد الإعلان عن موعد لوقف النار؟». ويتابع ضابط من الكتيبة «بدل أن نخرج منتصرين ومبتسمين من لبنان، خرجنا غاضبين ومُحبطين».
خرج الضباط الإسرائيليون من لبنان في ظل حرب أخرى بينهم، أطلق عليها الصحافي الإسرائيلي ناحوم برنياع اسم «حرب اليهود»، وتبادلوا الاتهامات في ما بينهم نتيجة الخسائر. كان واضحاً بالنسبة إليهم أنَّ التنسيق بينهم وبين الجنود في الميدان قد غاب. ويروي أحد الجنود الإسرائيليين عن حادثة وادي السلوقي: «قالوا لنا إن قوات ناحل نظفت المكان وأخلته من مقاتلي حزب الله واعتقدنا بأننا ندخل منطقة خالية هناك. لكنَّ مقاتلي حزب الله خرجوا من أماكن مخفية وأمطرونا بالصواريخ وكأنهم في مذبح. لم نعرف في حينه كم من مقاتلي حزب الله في المنطقة».
ويتابع «بعدما دُمرت الدبابة الأولى، فهمنا أن الكابوس قد بدأ. فهمنا أنَّ الخطر لا يكمن في إطلاق الصاروخ الأول، بل في الصواريخ التي تليه. لقد قصفنا حزب الله بأربعة صواريخ على الأقل بعد الصاروخ الأول. كانت الأجواء مخيفة إلى حد الرعب والهلع. \
اجتاحنا الخوف من الآتي وكان هدفنا إيجاد مخبأ لنا. كان هناك دوي انفجارات ونيران مكثفة وأنا لم أعرف كيف ومتى ستنتهي. كنت أصلي لله كي تنتهي هذه النيران والانفجارات وإطلاق الصواريخ علينا. كنت أتمنى أن تنتهي هذه الحادثة وأن أسمع أن كل شيء على ما يرام وأنَّ أحداً من رفاقي لم يصب بأذى لكنَّ هذا لم يحصل».
ويروي جندي آخر «قالوا لنا قبل بدء المعركة إنَّ هذه المواجهات ستكون خاتمة للحرب، لكنَّها كانت أسوأ من بدايتها. قالوا لنا إنَّ هذه المواجهات هي الأخيرة ووقف النار بدأ حقيقة، لكنَّ دبابتنا دُمرّت وفقدنا مقاتلين أعزّاء علينا».
تكبدت وحدة المدرعات خسائر بشرية ومادية كبيرة إلى حد لم يتوقعه الإسرائيليون بأسوأ كوابيسهم، لكنَّ أكثر ما أغضب الجنود بعد خسائر كهذه هو تصريحات من قبل قادتهم جاء فيها «إنَّ الحرب على حزب الله هي حرب على الوعي، وعلينا أن ننتصر في هذه الحرب».
ورأى ضابط إسرائيلي أن «القول إن هذه الحرب هي حرب على الوعي إهانة. هم يهينون الجنود بهذه المقولة، يهينون من خرج بالأمس من لبنان. ماذا سأقول للعائلات؟ هل سأقول لهم إن ابنهم مات نتيجة حرب على الوعي؟‍‍‍ من أجل إنجاز في الوعي؟ قد يكون هذا مقبولاً عندما نخرج سالمين من لبنان، لكننا نتحدث عن مواجهات مرّة، مواجهات فقدنا فيها وفي كتيبة واحدة 12 جندياً ودُمِّرت دبابات لنا. هذا إنجاز في الوعي؟ هذا فشل».
لكنَّ هذا النقاش ليس أكثر ما يشغل الجنود، لأنَّ ما يشغلهم حقاً هو عودتهم من لبنان من دون إنجاز يذكر. ويقول جندي من الكتيبة نفسها «نحن نشعر بأن لا لزوم لهذه المواجهات أبداً. صحيح أننا جنود ونقوم بهذه المهمات ، ولكن عندما ننظر إلى ما كان في الجنوب، علينا أن نعترف، لقد أكلناها، انتظرتنا مفاجآت كثيرة ونحن لسنا جاهزين». ويتابع ضابط آخر «هناك شعور مؤلم في صفوف الجنود. بعدما انتهى كل شيء، تلقينا صفعة قوية. اعتقدنا بأننا سنخرج مبتسمين طوال الطريق إلى البيت، لكننا عدنا من دون