strong>يبدو أن “توضيح” مهمة القوة الدولية سيكون أصعب من تشكيل القوة نفسها، طالما أن غالبية الدول المشاركة تترقب صدور توضيحات كهذه لإعلان موقفها النهائي، ما قد يعلّق تشكيل القوة إلى ما لا نهاية، طالما أن الانقسام لا يزال قائماً على المهمات الموكلة إليها.
باريس ــ بسّام الطيارة

عقبات جديدة، طرحتها إسرائيل هذه المرة، على تشكيل القوة الدولية، بعد رفضها مشاركة قوات من دول لا تقيم علاقات ديبلوماسية معها، ما يغلق الطريق أمام ماليزيا وأندونيسيا، اللتين أعلنتا مراراً عن استعدادهما لإرسال جنود إلى الجنوب اللبناني.
ولا تزال المفاوضات داخل اللجنة الفنية في الأمم المتحدة تراوح مكانها بانتظار “قرار فرنسي”، بحسب أحد المتابعين، الذي أوضح أن القرار الفرنسي ينتظر “قرارات سياسية تبدو عصيّة اليوم في ظل المتغيرات المتسارعة”.
وتقول مصادر فرنسية إن اللجنة في الأمم المتحدة “لا تزال في طور تحديد تصور لعمل القوات الأممية”. وتضيف “بعد وضع تصور لعمل القوات، يصار إلى تحديد المهمة،

وفي مرحلة لاحقة تأتي عملية تشكيل القوات. بحسب عروض المساهمات”، مشيرة إلى أن “الأمور لا تزال في المرحلة الأولى المؤلفة من ثلاث مراحل”.
ويقول أحد الديبلوماسيين “لا تتعجبوا إن لم تشارك فرنسا في القوات الجديدة، على الأقل بالعدد الذي كان يتحدث به البعض (بين ٢٨٠٠ و٥٠٠٠ جندي)”.
وبدأت بعض التسريبات تتحدث عن “إمكانية أن تكون إيطاليا أو ألمانيا في موقع قيادة اليونيفيل الجديدة”. وهذا ما يفسر الاجتماع الذي عقد في بروكسل أمس على مستوى الديبلوماسيين والخبراء العسكريين في الاتحاد الأوروبي “لدراسة سبل المساهمة في تقوية القوات الأممية”، وهو تعبير ديبلوماسي للإشارة إلى “تباين في الآراء حول مشاركة دول الاتحاد”.
كما أن إسرائيل دخلت على خط “عقبات التشكيل” إذ أعلن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى «أن إسرائيل أبلغت الأمم المتحدة أنها ستعارض مشاركة قوات من أي دولة لا تربطها علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل في هذه القوة». وأضاف أن «بعض الدول التي تطوعت تعاونت مع حزب الله»، في إشارة غير مباشرة إلى ماليزيا خصوصاً. إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية مارك ريغيف رفض تأكيد موقف تل أبيب في هذا الصدد.
و يغلق الموقف الإسرائيلي هذا الباب أمام تصور الرئيس الفرنسي جاك شيراك لقوة تكون ضمنها “كتلة إسلامية ذات وزن”. ويرى البعض أن هذا “الشرط الإسرائيلي” أتى ليحصر المقعد الإسلامي بتركيا التي ترفضها بعض القوى اللبنانية.
ويرى البعض أن إطلاق “رزمة جديدة” من أسماء دول ذات صورة “محايدة” في صراع الشرق الأوسط ما هو إلا تمهيد لإعلان “فشل فرنسا في قيادة قوات اليونيفيل الجديدة”. وباكستان من الدول، التي بدأت تطرح أسماؤها لإبقاء “الوزن الإسلامي” في القوات الجديدة، إلى جانب غانا وجنوب أفريقيا.
إلى ذلك (أ ب، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)، أعلنت أطراف في الحكومة الائتلافية الألمانية أنها وافقت مبدئياً على مشاركة ألمانيا في القوة الدولية، وذلك بعد اجتماع قمة للائتلاف الحكومي على هامش مهرجان بايروت في جنوب ألمانيا.
وأعلن وزير الدفاع الإيطالي أرتورو باريزي أن “اتصالات تجرى حالياً مع وزير الدفاع الفرنسي ... لتقاسم الأهداف والأفكار” حول القوة الدولية. وقال إن بلاده لا تزال تنتظر من الأمم المتحدة رداً “واضحاً” حول جملة أمور تتصل بالقوة، أبرزها “تراتبية قيادتها وطبيعة مهمتها وقواعد المشاركة” فيها. وأضاف باريزي “أعتقد أن لا جواب عن مسألة مشاركتنا في قوة الأمم المتحدة في لبنان سوى نعم، أما عن سؤال متى فالجواب الوحيد هو في أقرب وقت”.
وفي السياق، عارض أومبرتو بوسي، زعيم رابطة الشمال في منظمة اليمين المتطرف الإيطالية، مشاركة إيطاليا في القوة الدولية، معتبراً أنها ستكلف دافعي الضرائب الإيطاليين “ثمناً باهظاً”.
وفي الرباط، دعا المغرب، المتوقَع مشاركته في القوة الدولية، الى «توضيح» مهمتها. وقالت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان، «إن المغرب يرى أن إعادة الانتشار الذي تعتزم قوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) القيام به الى جانب الجيش اللبناني تقتضي أن تتوافر جميع الظروف السياسية وأن تكون الإجراءات العملية من أجل مهمتها الجديدة محددة».
وفي جاكرتا، قال مسؤولون إن اندونيسيا مستعدة للمشاركة بألف جندي في القوة الدولية، بينهم 150 مهندساً للمساعدة في إعادة إعمار البنية الأساسية التي دمرت في الحرب. وقال رئيس لجنة تشرف على الشؤون الأمنية والدولية تيو سامبواجا، في مؤتمر صحافي، “سترسل الحكومة ألف فرد من الجيش الأندونيسي في عملية لحفظ السلام في لبنان”.
وقال وزير التنسيق للشؤون السياسية والأمنية ويدودو ادي سوتجيبتو إن الرئيس الأندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو تحدث هاتفياً مع شيراك، ومع رئيس الوزراء فؤاد السنيورة في هذه القضية.
ووافق مجلس النواب الأندونيسي بالإجماع أمس على قرار الحكومة المشاركة في القوة الدولية في لبنان. وقال رئيس مجلس النواب اغونغ لاكسونو "نأمل أن يكتب الرئيس إلى المجلس عن الخطة المقررة لإرسال القوات وفقاً للقوانين المرعية”.
وأضاف أن المجلس يدعم، ويرحب بالإعلان الصادر عن الاجتماع الطارئ لمنظمة المؤتمر الإسلامي، الذي عقد أخيراً في ماليزيا، والذي حضّ الأمم المتحدة على العمل من أجل وقف نار فوري في لبنان وإرسال قوات لحفظ السلام الى هذا البلد.