القاهرة ـــ وائل عبد الفتاحالشغل الشاغل للصحافة المصرية هذه الأيام هو سبب سفر جمال مبارك، ابن الرئيس المصري حسني مبارك، إلى بيروت، في رحلة عدّها بعض المعلقين خطوة في «مسيرة التوريث» ومبادرة لـ«غسيل سمعة نظام مبارك»، الذي هاجم «مغامرة» حزب الله. وروى رئيس تحرير جريدة «العربي» عبد الله السناوى، أحد المشاركين فى الوفد الذي توجه إلى بيروت، «.. أنه فى اللحظات الأخيرة، وقبل أن تقلع الطائرة العسكرية المصرية مباشرة إلى بيروت، فوجئ الجميع بدخول جمال مبارك، وبدا الأمر محرجاً، فأغلب الجانب الشعبى فى هذا الوفد يودون ألاّ يحسبهم أحد على جمال مبارك، أو أن يضمهم وفد سياسى معه، أو أن تتحول بعض الصور إلى رسالة مضللة إلى الداخل المصري...». ورأى أن ابن الرئيس وجد الوفد فرصة قد لا تتكرر للظهور وسط نخبة من المثقفين والفنانين والصحافيين، يمكن استخدامها لتسويغ سيناريوهات التوريث».
تساؤلات السناوى تحولت إلى «وصلات ردح» قوية فى صحف أخرى تجاوزت النقد والشتيمة وتحدثت عن «قفا» جمال مبارك، الذي «ضرب به كل المشاركين وأشركهم معه فى لعبة مكشوفة».
هنا خرج كورس الصحف الحكومية، فكتب رئيس تحرير «روز اليوسف» عبد الله كمال رداً على عبد الله السناوي قائلاً «لماذا لم تنسحب». أضاف «لم نفاجأ بجمال مبارك على الطائرة... وقبيل الإقلاع... بل إنه جاء الى صالة السفر... قاعة كبار الزوار... حيث كنا نتزاحم... وجواز سفر كل منا فى جيبه ولم تكن لأي منا حقيبة على متن الطائرة... ومن شاء ألاّ يسافر وفق هذا المتغير الجديد كان يمكنه أن يفعل وخصوصاً أن جمال مبارك تعمّد أن يصافح الجميع».
ويخشى المشاركون في الوفد من «زفة مبايعته الإجبارية»، لأنه، تمّت معاملته فى بيروت على أنه رئيس الوفد، رغم أنه لم يكن كذلك. وهذا لأن وضعه القانونى والدستوري غامض وهلامي. وهنا بدأ التنكر للمشاركة في الوفد، الذي لم يكن في الحقيقة شعبياً لأنه تم باختيار وزير الإعلام أنس الفقى. أي إن الخصومة ليست مع النظام تماماً، فالمعارضون وافقوا على اختيار وزير الإعلام لهم. لم يكن هذا من قبيل التمثيل، بل تعبيرا عن ثقة في عقلانية ما، تميزهم عن معارضين آخرين.
لكن الخصومة بدت مع جمال مبارك، إذ يرفض الجميع تصديق أن مشروع توريث جمال مبارك انتهى، رغم نفي الرئيس مبارك للفكرة من أساسها أكثر من مرة . وجمال هو الآخر نفاها فى أول حوار مباشر على التلفزيون.
وكان مبارك الابن مرشحاً مثالياً لاستمرار النظام السياسى، فهو تربى فى القصور. وكان قريباً من ماكينات إدارة البلاد. كما أنه وجه التغيير فى الحزب العجوز، ومجموعته اسمها «الحرس الجديد»، فى مقابل الوجوه القديمة المثيرة لاستياء الناس، والتى تسميها الصحافة «الحرس القديم».
الغريب الآن أنه ربما كان جمال مبارك يحاول غسل سمعة والده (أو ينفذ تعليماته)، الذي وصلت إليه ملحوظة السفير المصرى في بيروت، حسين ضرّار، والتي طلبت، من ضمن ما طلبت، التوقف عن التصريحات المعادية . . وإرسال معونات . . وشخصية كبيرة.
ولم يتوقع، على ما يبدو، لا الرئيس ولا نصائحه بغسل المواقف، أن المحاولة ستشعل حرب التوريث من جديد.