القاهرة ــ خالد محمود رمضان
انهمك الرئيس المصري حسني مبارك، على مدى اليومين الماضيين، في سلسلة من اللقاءات والاتصالات الشخصية المباشرة مع عدد من قادة ورؤساء الدول العربية.
وعقد مبارك قمماً مع ثلاث من دول مجلس التعاون الخليجي، هي قطر والبحرين والكويت، أعقبها بسلسلة اتصالات هاتفية شملت الرئيس فؤاد السنيورة والزعيم الليبي معمر القذافي وولي العهد السعودي الأمير سلطان والملك الأردني عبد الله الثاني.
ورغم الخطوط العريضة التي تحدثت عنها مصادر الرئاسة ووزارة الخارجية المصرية، باعتبارها شكلت جدول أعمال هذه الاجتماعات، بدءاً بتطورات الوضع الراهن في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتداعيات ما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، ومستقبل عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن مصادر ديبلوماسية غربية ذكرت أن القاهرة تسعى للحصول على «تفويض عربي بإجراء اتصالات مع الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية لإحياء عملية السلام» التي كان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى قد أعلن موتها قبل بضعة أسابيع.
ولاحظت المصادر المقربة من مركز صنع القرار في مصر أن مبارك يسعى لتكريس دوره مجدداً كلاعب رئيسي في عملية السلام، واستعادة الدور الذي فقدته بلاده خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان التي دامت 33 يوماً لم تتخذ مصر خلالها مواقف تتماشى مع توجهات الرأي العام المحلي والعربي.
وتحدثت مصادر الجامعة العربية عن أن لقاءات مبارك تندرج فى اطار تحرك أوسع لتهيئة الأجواء قبل إعلان جديد باستمرار الدول العربية في تبني خطة السلام التي أقرتها القمم العربية السابقة.
وقال ديبلوماسي عربي إن «جانباً آخر من تحركات مبارك، وخاصة على الجانب الخليجي، استهدفت اللعب على وتيرة الملف الإيراني، وعلاقاته المتشعبة والمتشابكة مع دول مجلس التعاون الخليجي»، ولا سيما أن إيران كانت طلبت رسمياً من مبارك أداء دور إيجابي لتخفيف حدة مخاوف بعض دول مجلس التعاون الخليجي من البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب ديبلوماسي إيراني في العاصمة المصرية، فإن «طهران، رغم تمتعها بعلاقات جيدة مع معظم الدول الخليجية، إلا أنها عرضت على مبارك محاولة أداء هذا الدور، ونقل رسالة إيرانية مفادها أن البرنامج الإيرانى يجب ألا يكون مدعاة للقلق».
وبحسب مصادر مصرية، فإن محور اتصالات مبارك استهدف قطع الطريق على عقد أي قمة عربية طارئة في الوقت الراهن خلافاً للموقف المصري المعلن والمرحب بعقد هذه القمة بشرط الاتفاق المسبق على جدول أعمالها.
ولا تريد القاهرة عقد قمة تستخدمها بعض العواصم العربية، وخاصة دمشق، للمزايدة على موقف الدول العربية الأساسية في ما يتعلق بملف الأزمة اللبنانية.
وامتنع مكتب المتحدث باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد عن الرد على اتصالات عديدة للحصول على تعليقه، فيما قال مصدر مسؤول في مكتب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط لـ «الأخبار» إنه ليس مخولاً للحديث إعلامياً.
ويشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الدكتور حسن نافعة إلى «حالة تخوف عربية مكتومة من دور إيران في لبنان عن طريق علاقتها المعروفة بحزب الله في مرحلة إعادة الإعمار ومساعدة لبنان وتطبيق القرار 1701»، مشيراً إلى وجود «مخاوف حقيقية من مشاكل يثيرها هذا القرار».
فهل يسعى مبارك إلى تحجيم الدور الإيرانى في ملف الأزمة اللبنانية لمصلحة إطلاق مبادرة السلام العربية مجدداً، والحصول على وعد أميركي بإقناع حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلى ايهود أولمرت بخيار كهذا؟ هذا ما سيتكشّف خلال الفترة القليلة المقبلة.