خلال الزيارة الرسمية الأولى لرئيس الوزراء الصيني، لي كه جيانغ، إلى أميركا اللاتينية، وقّعت الصين والبرازيل أول من أمس الثلاثاء، وفي إطار «خطة عمل مشتركة» بين البلدين تستمر حتى عام 2021، اتفاقيات للاستثمار والتمويل والتجارة تبلغ قيمتها 53 مليار دولار، بحسب الرئيسة البرازيلية، ديلما روسيف.«الصين والبرازيل مهتمتان خصوصا بأعمال البنى التحتية، وهو قطاع لدى الصين خبرة غنية فيه، ترحب بأن تتشاركها مع البرازيل لمساعدتها على خفض التكاليف»، قال لي.

المشروع الأبرز من بين الاستثمارات الصينية التي ستتوزع على قطاعات البنية التحتية والطاقة والتعدين والنقل، هو مشروع خط سكك الحديد الذي سيعبر جبال «الانديز»، ليربط ساحل البرازيل على المحيط الاطلسي بموانئ على المحيط الهادئ في البيرو، ما يسمح للصادرات البرازيلية إلى الصين بتفادي المرور بقناة بنما. واتفق البلدان على البدء بإعداد دراسات الجدوى الخاصة بالمشروع الذي يُتوقع ان يستغرق إنجازه بين 3 و4 سنوات، و"يمثل وحده 30 مليار دولار» من الاستثمارات الصينية، بحسب وزير الصناعة والتجارة الخارجية البرازيلي، ارماندو مونتيرو.
وأعلن لي وروسيف أن البنك الصناعي والتجاري الصيني، أكبر مصرف في العالم من حيث حجم الأصول، سيُنشئ صندوقا بقيمة 50 مليار دولار بالشراكة مع أكبر بنك للاقراض العقاري في البرازيل، وذلك لتمويل الاستثمارات في مشاريع البنى التحتية في أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية. وقال لي إن شركات التشييد والصلب الصينية مستعدة لمساعدة البرازيل على صيانة وتطوير مرافقها الحيوية وبناها التحتية الأساسية، وذلك لخفض تكاليف النقل، بما يدعم القدرة البرازيلية على الإنتاج وتصدير السلع.
ووقعت شركة النفط البرازيلية المملوكة من الدولة، «بتروبراش»، اتفاقا ائتمانيا بقيمة 5 مليارات دولار مع بنك التنمية الصيني، وخط ائتمان بقيمة ملياري (2) دولار مع بنك التصدير والاستيراد الصيني. وشاهد لي وروسيف، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بدء تشييد خط للنقل الكهربائي بطول 2800 كيلومتر، تقيمه شركة «State Grid Corporation» الصينية، أكبر شركة لبناء لمرافق في العالم. وسينقل الخط الكهرباء من سد «بيلو مونتي» الذي يجري انشاؤه حاليا في الامازون إلى ولاية ساو باولو الصناعية العطشى للطاقة، كما أكدت شركة طيران «تيانجين» الصينية إعلانها السابق لشراء 22 طائرة ركاب من نوع "إي-190"، تصنعها شركة «امبراير» البرازيلية، وذلك من بين 60 طائرة تعهدت الصين بشرائها عندما زار الرئيس شي جين بينغ البرازيل عام 2014. وشملت الاتفاقيات أيضاً رفع الحظر على استيراد لحوم الابقار البرازيلية التي كانت الصين قد فرضته في 2012 خوفاً من انتشار مرض جنون البقر.
وتضاعفت المبادلات التجارية بين الصين والبرازيل 25 مرة خلال السنوات العشر الماضية، من 3.2 مليارات دولار في 2001 إلى 83 مليار دولار في 2013. ومنذ عام 2009، أصبحت الصين الشريك التجاري الأول للبرازيل، متجاوزة الولايات المتحدة. ويأتي ضخ رؤوس الأموال الصينية إلى البرازيل في وقت تشتد فيه حاجة الأخيرة للتمويل، مع انزلاقها إلى الركود بعد الطفرة الناجمة عن تصدير السلع الاولية في العقد الماضي، التي غذاها الطلب الصيني على صادراتها الرئيسية، وفي مقدمتها خام الحديد وفول الصويا. وتأتي الاستثمارات الصينية هذه في سياق سياسة «التوجه نحو الخارج» القائمة على تشجيع تصدير الرساميل الصينية، مع مراكمة «مصنع العالم» لاحتياطات هائلة من النقد الأجنبي. والصين بصدد "الاضطلاع بدور المستثمر في أميركا اللاتينية والكاريبي، والبرازيل بحاجة ماسة للاستثمارات"، بحسب، تشارلز تانغ، رئيس غرفة التجارة البرازيلية الصينية، الذي يؤكد أن المنطقة المذكورة «بصدد ان تصبح (منطقة نفوذ) للصين»، بعدما ظلت لعقود منطقة نفوذ للولايات المتحدة.

(رويترز، أ ف ب)