المسجد الأقصى هدف دائم للحملات الصهيونية منذ الاستيلاء على فلسطين. وعلى مدى السنوات الماضية لم تتوقف حملات التهويد والتدنيس. انتفاضتان فلسطينيتان وقفتا في وجه مخطط إقامة الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى، لكن المحاولات لن تتوقف واستعدادات المواجهة يجب أن تبقى في أعلى درجات الجهوزية.


«عين على الأقصى»، التقرير السنوي الذي يصدر عن مؤسسة القدس الدولية من بيروت في ذكرى إحراق المسجد الأقصى، حذر أمس من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق هذا الصرح الديني، ووجه سلسلة توصيات إلى السلطة الفلسطينية والأنظمة العربية والجماهير ووسائل الإعلام لمواجهة التهديدات المتصاعدة.
وأشار التقرير إلى أنه خلال العشرين شهراً الماضية «قامت الأجهزة الرسمية الإسرائيلية بأعمال أساسية على طريق تحقيق السيطرة على المسجد الأقصى بكل شكلٍ ممكن، فخلقت فيه ومن حوله مجالاً أمنياً إلكترونياً قائماً على شبكة من الكاميرات وأجهزة الرؤية الليلية والمجسات الحرارية، وأعدت قوة تدخل سريع لتنفيذ المهام داخله، وحاولت التدخل في مسؤولية ترميم وإصلاح أبنية المسجد، وأتمت أعمالاً إنشائية لوصل ساحة البراق (المبكى)، مكان تعبّد اليهود، بالمسجد مباشرة من خلال جسر يصلها بباب المغاربة، وافتتحت مواقع سياحية لزيارة الجمهور الإسرائيلي في الحفريات أسفل المسجد الأقصى».
وأضاف التقرير أن «المنظمات الاستيطانية عملت، بدعم وتغطية حكومية، على تثبيت حق اليهود في الصلاة وإقامة الطقوس في الأقصى، فدعت إلى اقتحامات متكررة للمسجد، ونجحت في تنفيذ اقتحامات جماعية مصغرة في غير الأوقات المعلنة».
ودعا التقرير المهتمين والمعنيين إلى تغيير جذري في أدوارهم تجاه المسجد الأقصى، محذراً أهل الأرض المحتلة عام 1948 من احتمال بدء المؤسسة الإسرائيلية بتقييد قدرتهم على دخول القدس والتوافد على المسجد الأقصى. ودعا أهل الأرض المحتلة عام 1967 إلى ألا يسمحوا لأية قضية بأن تشغلهم عن القضية الأساس التي انطلقوا من أجلها في انتفاضة الأقصى.
ودعا التقرير الفصائل والقوى الفلسطينية إلى تبني استراتيجية مشتركة تتجاوز التجاوب العفوي بسبب تغير طبيعة التحدي وخطورته. وطالب السلطة الفلسطينية «باستحداث بدائل خلاقة للعمل في القدس حتى لو كانت بطرق غير تقليدية بمفهوم العمل الحكومي والبيروقراطي».
وشدد التقرير على سعي الحكومة الأردنية للوصاية على الأماكن المقدسة وإصرارها على تولي هذه المسؤولية، إلا أنه أشار إلى أن خدمة المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية هي تكليف يقتضي جهداً وعملاً وليست تشريفاً، «وندعو الحكومة الأردنية إلى تحمل مسؤوليتها تجاه القدس بمناهضة أي تغيير يجريه الاحتلال في القدس، ولتعبئة كل أجهزتها ومؤسساتها بما يتجاوز مشاريع متفرقة للإصلاح والإعمار».
ورأى التقرير أن «الحكومات العربية تتعامل مع قضية المسجد الأقصى وكأنه مسألة داخلية في دولة شقيقة». كما طالبها بتغيير هذا الأسلوب والعمل ضمن استراتيجية واضحة ومحددة لحماية المسجد من مصير التقسيم بالحد الأدنى إن لم تكن قادرة على تحريره، كما دعاها إلى دعم وإسناد الدور الذي يجب أن تضطلع به الحكومة الأردنية بصفتها الوصية على الأماكن المقدسة.
وأوصى التقرير «الجماهير العربية والجهات العاملة للقدس والأحزاب والقوى والمؤسسات العربية والإسلامية بتكريس جهد دائم لنصرة المدافعين عن الأقصى، والتخطيط والتحضير لحملات وتحركات فعّالة ومحددة الأهداف تتناسب مع تهديدات خطيرة وحقيقية سيتعرض لها المسجد الأقصى خلال المرحلة المقبلة»، ودعا هذه القوى إلى «الحفاظ على رمزية القدس والمسجد الأقصى في وعي الجماهير ليظلا عنوان المواجهة مع المشروع الصهيوني مهما تعددت العناوين».
وأشار التقرير إلى ضعف التغطية الإعلامية لشؤون القدس والمسجد الأقصى كماً ونوعاً، وعدم وضعهما في رتبة الأولويات حتى عندما يحظيان بالتغطية. ودعا إلى «إيلاء اهتمام خاص لتغطية أخبار القدس والمسجد الأقصى وخلق الآليات اللازمة لذلك، وإبقاء هذه القضية ضمن القضايا الأساسية في مختلف أنواع التغطيات الحوارية والوثائقية والثقافية».
وذكّر التقرير، في فقراته الأخيرة، «المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بأهم قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالمسجد الأقصى ومضامينها»، مشيراً إلى «انتقائية مجلس الأمن في تطبيق القرارات، وعجز الأمم المتحدة عن تطبيق قراراتها».
(الأخبار)