القاهرة ــ «الأخبار»
«كمال الشاذلي هو زعيم المعارضة اليوم»، يقول رئيس حزب «الوفد» محمود اباظة بعد ملاحظة طريقة الشاذلي العنيفة في انتقاد الحكومة، الذي وصف ضحايا حادث اصطدام القطارين، في قليوب الاثنين الماضي، بـ«الغلابة والموظفين الذين كانوا في طريقهم لأعمالهم البسيطة».
وقال الشاذلي: «اشك في ان الحكومة صرفت جميع التبرعات التي جمعتها بعد حادث قطار الصعيد»، مشيرا الى أن «هناك تقارير صدرت عن حادث قطار الصعيد لم ينفذ معظمهاتعبيرات غريبة على قاموس أقدم نائب في «الحزب الوطني» الحاكم، بل وفي العالم (أكثر من 40 سنة في النيابة)، والذي وقف قبل اقل من اربع سنوات فقط، في كارثة قطار الصعيد، ليدافع، بالحماسة نفسها، عن الحكومة، قائلاً ان «ما حدث لم يكن بيدها».
كان الشاذلي يتصرف آنذاك بحكم منصبه كوزير دولة، منصب تركه منذ سبعة أشهر، كان معروفاً قبلها انه واحد من «مراكز القوى» القريبة جداً من اعلى مستويات السلطة، منحته الصحافة القاباً عديدة كـ«الديك الرومي» و«رجل كل العصور» و«سياسي تحت الطلب».
قدَّم الشاذلي طلب احاطة (للمرة الأولى في تاريخه) وخطب فى الاجتماع الطارئ للجنة النقل خطبة «عصماء» عن القطارات التي تقتل الفقراء (هناك 30 من بين قتلى قطار قليوب من قريته).
وزير النقل محمد لطفي منصور بدا عليه الانهيار التام، وخلع سترته، هو ومجموعة الوزراء الذين تكلموا بصعوبة شديدة، في ظل الثورة العنيفة التي قادها الشاذلي واباظة ونواب «الاخوان المسلمين» الذين طالبوا بتطبيق «شرع الله» على مرتكبي جريمة القتل الخطأ.
وكشف رئيس لجنة النقل في مجلس الشعب حمدي الطحان عن وجود قرض كويتي بقيمة 16.5 مليون دينار كويتي (331 مليوناً و583 ألف جنيه) تمت الموافقة عليه في 16 تشرين الاول 2001 لتحديث الورش وتطوير القطارات وتجديدها، لم يصرف منه إلا 400 الف دينار تقريباً. كما كانت المفاجاة الكبيرة في اعلان احد النواب عن ان مُرتب رئيس الهيئة القومية لسكك حديد مصر حنفي عبد القوي، الذي اقيل بعد الحادث، اقترب من 230 الف جنيه، بينما لم يتجاوز مُرتب سائق القطار الذي قتل فى الحادث 1500 جنيه.
المذهل ان حادث قليوب، او «الزلزال» كما يسميه المصريون، له توابع يومية في حوادث موت ترجع الى تدهور الخدمات والمرافق، علما انه راح ضحيتها، خلال سنتين، هما عمر حكومتي احمد نظيف، حوالى 20 الف مصري، اي اكثر من مجموع الضحايا الذين سقطوا فى حروب مصر مع اسرائيل.
ويبدو ان الهجوم على حكومة نظيف أتى على هوى الجناح الذي لا يتوافق معه في تركيبة السلطة. ولم تكن خافية النبرة القاسية والموجهة لشخص رئيس الحكومة في معالجة يومية «روز اليوسف» لحادث قليوب. وفسَّر هذا الأمر على انه رسالة من «لجنة السياسات» القريبة من الصحيفة، التي يشاع أنها صدرت من اجل تصفية خصوم «مجموعة ابن الرئيس»، والمقصود بهم المقربون جداً لا كل «لجنة السياسات» التي تُعد «حزباً داخل الحزب الحاكم».
وتنعكس فكرة اللعب بالصحف في الصراعات السياسية على ازمة اخرى هي الحرب التى شنتها قيادات الحزب الحاكم على الصحف التي انتقدت الرئيس بطريقة تجاوزت «الخطوط الحمراء».
ورأى سكرتير نقابة الصحافيين يحيى قلاش انه «اذا كانت الحكومة غاضبة الآن من صحف تقول انها تتطاول على الرئيس من اجل زيادة التوزيع، فإن هناك ايضاً صحفاً تستخدمها الحكومة وتوظفها فى صراعها السياسي مع المعارضة او تستخدمها ف] حروب السلطة الداخلية».
ورفضت النقابة ان تكون «فزاعة» للصحافة التي لا ترضي السلطة، مشيرة الى انه «اذا فُتح ملف الشتائم في الصحافة، فلا بد ان تنزع اسلحة الطرفين (الصحافة المعارضة والموالية)». والمعركة ما زالت مستمرة فى الصحف والتلفزيون الحكومي في ما يشبه حملة منظمة تختلط فيها الاصوات العاقلة بالاصوات المعادية لحرية الصحافة.