الحديث المصري عن استعدادات جمال مبارك للوصول إلى الحكم لا يتوقف، حتى إن سيناريوهات تتسرب حول نفوذ ابن الرئيس المصري في السياسة الداخلية، وسيطرته على رئاسة الحكومة حتى وقت قريب، قبل أن ينقلب أحمد نظيف عليه، وهو ما أشعل معركة اضطر الرئيس حسني مبارك إلى التدخل فيها شخصياً. القاهرة ــ الأخبار
«كل الطرق تؤدي الى جمال مبارك». هكذا اصبحت حكمة اليائسين من التغيير في مصر، ولهذا لم تجد صحيفة معارضة مثل «الوفد» بداً من أن تضع عنواناً رئيسياً يقول إن «الحزب الوطني يطرح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية». التقطت الصحيفة العنوان من كلمات قالها بتحفظ القيادي في الحزب الحاكم حسام البدراوي، المنتمي الى الدائرة الضيقة المحيطة بابن الرئيسويبدو انه مع اليأس في التغيير، لم تعد صحف المعارضة تجد إلا حكايات الحروب الاهلية بين اجنحة الحكم. وتتوقع صحيفة «العربي» الناصرية حدوث «انقلاب دستوري» يصل به الابن الى السلطة عبر تعديلات ف] الدستور «يجهزها الآن خياطو القوانين»، وعلى رأسهم رئيس مجلس الشعب الحالي فتحي سرور.
ويبدو ان انتظار التغيير على طريقة انقلاب القصور اصبح هو منتهى امل المعارضة الرسمية. هكذا انهمكت الصحف بمتابعة الخلاف بين رئيس الحكومة احمد نظيف و «مبارك الصغير». الخبر الجديد ان مبارك الأب تدخل وطلب «هدنة» حتى انتهاء مؤتمر الحزب الحـــــاكم فــــــــــي اواخر ايلول المقبل.
المدهش ان هناك معركة صحافية بكل ما تحمله الكلمة بين صحف انحازت لرئيس الحكومة، في مقابل حملة إعلانات مدعومة من الحكومة ورجال اعمال مقربين او لهم مصالح مع المجموعة الصغيرة المحيطة بالدكتور نظيف. الحرب ليست خفية، لكن حادث قليوب جعلها تظهر على السطح. ونقل شهود عيان انطباعات نظيف العصبية على عناوين في صحف مبارك الابن تلقي بمسؤولية الحادث على شخص رئيس الحكومة لا على الحكومة كلها.
ولم يقف الهجوم عند حد النقد السياسي المباشر، بل وصل إلى السخرية من اللون البرونزي الذي اكتست به بشرة نظيف اثناء اجتماعات مجلس الوزراء او لجنة النقل، التي ناقشت مأساة السكك الحديد. أصبحت السخرية علنية، ومعها حكايات عن سبب خلاف «الرجل الضعيف»، الذي دفعت به مجموعة جمال مبارك الى المنصب لتحكم من ورائه بوصفه «تكنوقراط» لا يعرف في السياسة.
لكنه بعد رحلة اميركا العام الماضي شعر بقوة ما في مواجهة «المجموعة»، كما توصف في الحزب الحاكم. هنا اضيفت إلى رئيس الحكومة هواية جديدة هي التصريحات السياسية، التي كانت في كل مرة تفتح عليه باب اللعنات بداية من تصريح قال فيه: «الشعب المصري غير ناضج كفاية لممارسة الديموقراطية»، وحتى تصريحاته عن المقاومة وإسرائيل والتي جلبت عليه حملة صحافية عنيفة، دفعت رئيس ديوان رئيس الجمهورية الدكتور زكريا عزمي، كما نشرت صحيفة «الفجر» امس، إلى أن يطلب منه السكوت وعدم الكلام في السياسة.
وتداولت الصحف المحلية تفاصيل الخلافات فأرجعتها إلى سيناريو رُوِّج أخيراً عن رغبة اميركا فى دعم سيناريو تصعيد «خبير تكنوقراطي» الى الرئاسة فى مصر، بدلاً من الاختيار العائلي المتمثل بجمال، او اعادة السيناريو العسكري الذي يطرح اسم مدير المخابرات عمر سليمان.
كان نظيف مفاجأة اميركا التى اراد مبارك الابن احباطها قبل ان تصل الى الحقيقة.
التفسيرات الصغيرة قد تؤثر اكثر من الخلاف على الخطوط الكبرى لسياسة حكومة ترتبط الآن بالكوارث. ويعتقد ان «الهدنة» التي طلبها الرئيس نوقشت فى اجتماع سري بين جمال مبارك واحمد نظيف فى مقر القرية الذكية المفضل لدى رئيس الحكومة.