strong>حصل كثير من الجدل في تركيا، كما في لبنان، حول مشاركة أنقرة في قوات «اليونيفيل». فالرئيس التركي يعارض الأمر، وأرمن لبنان يعارضونه بشدة. وتركيا ماضية نحو المشاركة سعياً لدور أكبر في المنطقة، علَّها تعيد ذرة من مجدها السالف، ولو في احضان قوى كبرى سرقت منها ملكية السيطرة والاستعمار.بعد كثير من الجدل والنقاش، قررت انقرة امس، المشاركة في القوة الدولية المعززة في جنوب لبنان، بدون تحديد عدد الجنود الذين سيُرسلون او موعد ذلك.
وقال المتحدث باسم الحكومة التركية جميل تشيتشك، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لمجلس الوزراء أمس: «نوقشت مسألة قوة السلام التابعة للامم المتحدة وتقرر من حيث المبدأ أن نشارك في المهمة».
وأوضح تشيتشك، الذي يشغل أيضاً منصب وزير العدل، أن «تركيا لا يمكنها أن تبقى مجرد متفرج مثل بلد بعيد في مواجهة الاحداث التي تحصل في الشرق الاوسط (...) هذا الوضع سيكون مناقضاً لمصالحنا الوطنية». وأضاف أن البرلمان التركي، الذي يعود اليه القرار الاخير بشأن إرسال قوات الى الخارج، وهو في عطلة حالياً، سيدعى الى الانعقاد «في اسرع وقت» في اطار دورة استثنائية، فيما افاد مصدر حكومي بأن البرلمان قد ينعقد في موعد أقصاه نهاية الاسبوع المقبل.
وأشار الوزير التركي الى أن «اعمالاً تقنية تجرى حالياً في قيادة اركان الجيش وداخل الحكومة لتحديد عدد الجنود الذين سيُرسلون الى لبنان»، علماً أن الصحافة التركية اوردت أن مشاركة انقرة ستراوح بين 600 و1200 عنصر.
وأكّد تشيتشك، ردّاً على اسئلة الصحافيين، أن الجنود الاتراك لن تكون مهمتهم نزع سلاح حزب الله. كما رفض انتقادات الرئيس التركي احمد نجدت سيزر الذي عارض ارسال قوات الى لبنان، مشيراً الى أن «تركيا ستتحمل مسؤولياتها وستؤدي دوراً نشطاً» في المنطقة. وأضاف «شاركت تركيا في بعثات للامم المتحدة 28 مرة حتى الآن (...) ليس موضوعياً أن يقال ان الامن الداخلي سيتأثر بذلك».
وفي روما، أعلن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في ايطاليا انريكو ليتا، أن الحكومة الايطالية اصدرت بـ«الإجماع» مرسوماً يتيح إرسال قوات الى لبنان ابتداء من اليوم الثلاثاء لتعزيز قوة الامم المتحدة (اليونيفيل).
وأعلن وزير الدفاع ارتورو باريزي، في مؤتمر صحافي عقده في ختام جلسة استثنائية للحكومة، أن المرسوم يقضي بأن تتألف القوة الايطالية التي سترسل إلى لبنان من 2450 جندياً حدّاً أقصى. وأوضح وزير الدفاع الايطالي أن الانتشار الكامل للقوة الايطالية سيتمّ على مرحلتين تمتدّان على أربعة اشهر.
في المقابل، لا تزال روسيا متحفظة بشأن المشاركة في قوات «اليونيفيل» في لبنان، ربما في انتظار توضّح صورة الوضع في جنوب لبنان. ويؤكد نائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الدفاع سيرغي ايفانوف، أن قرار إرسال قوات حفظ سلام روسية إلى لبنان «سابق لأوانه»، معتبراً أن الوضع في جنوب لبنان «غير مستقر». ويشير ايفانوف الى أن الغموض يكتنف واجبات القوات المزمع إرسالها إلى لبنان وحقوقها، وليس مفهوماً ماذا تفعل وما هي مهمتها». لكنه لا يستبعد إمكان مشاركة الخبراء الروس في إعادة إعمار البنية التحتية في لبنان.
وبحسب مصادر الكرملين، فإن الادارة الروسية اجرت محادثات مكثفة مع زعماء العالم الإسلامي، ووعدتهم بالمساعدة على حل الأزمة اللبنانية. وقالت مصادر ديبلوماسية روسية، إن الوفد السعودي الذي زار موسكو في وقت سابق من الشهر الجاري، اقترح أن ترسل روسيا جنوداً مسلمين إلى لبنان.
يُذكر أن وزارة الدفاع الروسية انتهت من تأليف أول وحدة مخصصة للمشاركة في عمليات حفظ السلام بحجم لواء قوامه أكثر من ألفي رجل. وتوجد في الجيش الروسي كتيبتان مسلمتان، وهما كتيبتا «الغرب» و«الشرق» المرابطتان في جمهورية الشيشان.
ويعتقد المراقبون أن روسيا لا تتعجل في اتخاذ قرار في شأن المشاركة في قوات «اليونفيل»، وسط انقسام في الرأي بين من يعتقد أن المشاركة الروسية ستدعم دور موسكو في الشرق الأوسط، فيما يرى مسؤولون آخرون أن تعزيز الدور الروسي في المنطقة يبقى مجرد أمنية لأن الولايات المتحدة تمنع قيام اطراف دولية اخرى بأداء دور مؤثّر في الشرق الاوسط. ويفضّل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الروسي ميخائيل مارغيلوف أن «تكتفي روسيا بتقديم مساعداتها الإنسانية ولا تقدم جنودها إلى قوات الأمم المتحدة في لبنان». ويقول «لا نستطيع إرسال جنودنا إلى هذه المنطقة لأن الوضع المتوتر هناك قد يضطر أفراد قوات حفظ السلام إلى إطلاق النار، في حين لم يسبق أن أطلق أي جندي روسي النار على العرب واليهود».
غير أن غالبية الخبراء تتفق على أن المشاركة الروسية في قوات «اليونيفيل» لن تجدي موسكو نفعاً، بل قد تصبح مادة للمواجهة غير المرحّب بها مع الولايات المتحدة وحليفتها اسرائيل في الشرق الاوسط، خاصة أن آلاف الجنود الاسرائيليين المرابطين على الحدود مع لبنان، من أصول روسية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)