واشنطن محمد دلبح
خلافاً للكثير من التحليلات والوقائع الخاصة بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، رفض مؤلفا دراسة اللوبي الإسرائيلي وتأثيره على السياسة الخارجية الأميركية الحجج، التي تقول إن الولايات المتحدة استخدمت إسرائيل في عدوانها الأخير على لبنان.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو جون ميرشيمر أن اللوبي الإسرائيلي اليهودي كان «القوة المحركة الرئيسية» خلف سياسة الدعم الأميركي للعدوان. لكنه رفض الحجج «الاستراتيجية والأخلاقية»، التي تستخدمها جماعة إسرائيل في الولايات المتحدة، لتبرير ذلك الدعم.
ويشكل حديث ميرشيمر وزميله ستيفن والت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد، خلال ندوة نظمها مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، أول ظهور إعلامي واسع لهما، في أعقاب الحملة التي شُنت عليهما بسبب تلك الدراسة.
وركّز ميرشيمر حديثه على دور اللوبي الإسرائيلي في حشد الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل في عدوانها على لبنان، وعبر عن اعتقاده بأن إسرائيل استعدت لشن عدوانها على حزب الله منذ فترة وأنها حصلت على ضوء أخضر من الحكومة الأميركية للقيام بذلك منتظرة الفرصة لتنفيذ خططها.
ودحض ميرشيمر ادعاءات الحكومة الأميركية بأن موقفها هو انعكاس لالتزام الشعب الأميركي بحماية إسرائيل أو أن إسرائيل كانت تتصرف بالنيابة عن الولايات المتحدة. وخلص إلى أن موقف الحكومة الأميركية كان ضد مصلحة الولايات المتحدة وأيضا ضد مصلحة إسرائيل على حد سواء. وقال «إن إسرائيل ستكون في موقف أفضل لو تلقت ضوءاً أحمر من واشنطن بدلاً من الضوء الأخضر عندما طرحت خطة الهجوم على لبنان وربما كانت سلكت سبيلاً أكثر حصافة جنّب الجميع المعضلة الماثلة حاليا في لبنان».
ورأى ميرشيمر أن فلسفة إسرائيل في شن الحرب الأخيرة على لبنان خاطئة منذ البداية، مشيراً إلى أن إسرائيل لم تتمكن من القضاء على حزب الله عندما كانت تحتل لبنان، فكيف توقعت أن تحقّق ذلك من خلال حملات قصف جوي.
بعد ذلك بدأ ميرشيمر بتوضيح صور الدعم الأميركي لإسرائيل خلال العدوان، قائلاً إن واشنطن كانت تمد إسرائيل بالمعلومات الاستخبارية وعندما نفد مخزونها من القنابل العنقودية قدمت إليها المزيد، مشيراً إلى أن الديموقراطيين والجمهوريين في الكونغرس على حد سواء كانوا يتسابقون للإعلان عن تأييد إسرائيل. أضاف إن دعم حكومة الرئيس الأميركي جورج بوش لإسرائيل سيعمق العداء لأميركا في المنطقة وسيفقدها تعاطف شعوب المنطقة معها في الحرب على الإرهاب، هذا إضافة إلى تقليل رغبة دول مثل إيران وسوريا في التعاون مع واشنطن في العراق، وزيادة رغبة طهران في الحصول على أسلحة نووية حماية لنفسها من إسرائيل، ناهيك عن إغضاب شيعة العراق بسبب موقف أميركا المساند لتل أبيب. كما أنه يغضب حلفاء أميركا الأوروبيين ويلقي بظلال من الشك على ما إذا كانت أميركا حليفاً يُعتمد عليه في التعامل مع التهديدات الإرهابية والانتشار النووي في المنطقة.
وأشار ميرشيمر إلى أن أداء قوات الاحتلال الإسرائيلي الهزيل في لبنان أثبت للولايات المتحدة أن القوات الإسرائيلية لن تكون ذات قيمة كبيرة في التعامل مع هذه البيئة الخطرة التي ساعدت تصرفاتـــها على إذكـــائها.
ورأى أن إسرائيل، لهذا السبب، ليست ميزة استراتيجية لواشنطن في التعامل مع التهديدات الإرهابية أو الدول المارقة في المنطقة. وأوضح أن موقف حكومة بوش اتسم أيضاً بالحماقة الاستراتيجية لأنه يعرّض أنظمة صديقة للولايات المتحدة في المنطقة إلى الخطر، ويمكن أن يشعل حرباً أهلية في لبنان ليقوض «ثورة الأرز» التي بذلت حكومة بوش الكثير من الجهود لتحدثها.
وكشف ميرشيمر بعض أوجه الدور الذي أداه اللوبي اليهودي في حشد الدعم الأميركي لإسرائيل في الحرب على لبنان، مؤكداً أن هذا اللوبي تعامل مع الحرب بشكل سريع وعلى مستويات مختلفة مثل جمع التبرعات ومراقبة الإعلام ولقاء السياسيين، وكتابة التشريعات، وشراء الإعلانات، وغير ذلك من الأنشطة. كما أشار إلى أن اثنين من أشد الموالين للوبي الصهيوني فى حكومة بوش، وهما نائب مستشار الأمن القومى إليوت أبرامز ومستشار نائب الرئيس ديك تشينى لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ورسمر، كانا من أقوى عوامل الدفع نحو إلقاء أميركا بثقلها خلف إسرائيل.