strong>الحصار مستمر إلى أجل غير مسمى. هذه حصيلة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى إسرائيل. الفشل هو العنوان، ووهن الأمم المتحدة ودورها هو الخلاصة. أنان يكمل جولته والنتيجة معروفة مسبقا: “لا شيء”.القدس المحتلة، عمان ــ الأخبار

خرج الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من زيارته إلى إسرائيل “خالي الوفاض”، مع عدم تمكنه من إحراز أيِّ تقدم في أيٍّ من الملفات التي حملها معه، وخصوصاً قضية الحصار الذي تفرضه تل أبيب على أجواء لبنان ومياهه، بعدما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت صراحة رفعه، وهو ما دفع رأس المنظمة الدولية إلى محاولة البحث عن نجاح في الأراضي الفلسطينية، حيث أشار إلى أن استقرار الشرق الأوسط رهن بـ“إنهاء الاحتلال”.
وكشف المؤتمر الصحافي، الذي عقده أنان وأولمرت بعد اجتماعهما، عن خلافات بدا أنها طاولت كل القضايا الرئيسية التي بحثها الجانبان من دون التوصل إلى اتفاق فيها؛
فبينما شدد أنان، الذي يزور سوريا اليوم، على ضرورة أن تقوم إسرائيل بفك الحصار عن لبنان في أسرع وقت ممكن لأسباب اقتصادية و “لتعزيز الحكومة الديموقراطية في لبنان التي تقول إسرائيل باستمرار إن لا مشكلة معها”، ربط أولمرت رفع الحصار وسحب ما تبقى من قوات احتلال في الأراضي اللبنانية بتنفيذ القرار 1701 بـ“كامل بنوده”، مستشهداً بما كان قد قاله أنان عن أن القرار يعد “وجبة محددة مسبقاً وليس مائدة مفتوحة يستطيع كل واحد أن يختار ما يشاء منها”.
وأشار أولمرت إلى أن قوات الاحتلال ستنسحب من لبنان بشكل كامل بعد أن تستكمل القوة الدولية انتشارها في هذا البلد.
وكان أنان يأمل أن يستحصل على قرار ببدء سحب قوات الاحتلال مع شروع القوات الدولية بالانتشار، مشيراً إلى أن عدد هذه القوات سيصل في الأيام والأسابيع المقبلة إلى خمسة آلاف جندي.
وانسحب الخلاف بين الرجلين على مسألة نشر القوات الدولية على حدود لبنان مع سوريا، وهو الأمر الذي طالب به أولمرت، قائلا: “من أجل منع استئناف تزويد حزب الله بالسلاح. هناك طرق كثيرة للقيام بذلك، أهمها نشر قوات دولية على كل المعابر الحدودية (للبنان)”. ورد أنان، من جهته، بأنه ينبغي إبداء المرونة بهذا الشأن، مشيراً إلى أن “نشر القوات الدولية على الحدود اللبنانية السورية هو طريقة واحدة، ويجب عدم الإصرار على ذلك تحديداً، بل العمل على إيجاد آلية جيدة لأجل ذلك بالتعاون مع الحكومة اللبنانية”.
وعبر أولمرت عن أمله أن “تتغير الظروف بسرعة لتسمح باتصالات مباشرة بين حكومتي إسرائيل ولبنان من أجل التوصل قريباً إلى اتفاق”، مشيراً إلى أنه “لا يوجد نزاع بين الشعب الإسرائيلي والحكومة اللبنانية”.
ولم يفت أنان الدعوة إلى الإفراج غير المشروط عن الجنديين الإسرائيليين الأسيرين لدى المقاومة، واعداً “ببذل ما في وسعي من أجل الإفراج عنهما”.
ورداً على سؤال، رفض أنان تأكيد معلومات عن وجود الجنديين الأسيرين على قيد الحياة، إلا أنه قال إنه تحدث مع أكبر المسؤولين في لبنان ومع وزراء حزب الله في الحكومة،“ولم يتكون لدي الانطباع بأنهما ليسا على قيد الحياة”. وأضاف: “أعتقد أنهما على قيد الحياة”، مشيراً إلى ضرورة حل مشكلة الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.
وفي إشارة أخرى على الاختلاف، رفض أنان ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني تلقي أسئلة الصحافيين، بعد لقائهما. وكررت ليفني في ختام اللقاء الأمل الذي سبقها أولمرت إلى الإعراب عنه في “أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق سلام شامل مع لبنان”، مؤكدة وجوب تنفيذ القرار 1701 قبل ذلك وإطلاق سراح الجنديين الأسيرين.
واكتفى أنان بالقول إنه يأمل أن يكون القرار 1701 أساساً لسلام قابل للاستمرار. وأضاف أن اللبنانيين يرون الحصار “مهانة وتعدياً على سيادتهم”. لكنه حث بيروت أيضاً على بسط سيطرتها على الحدود لمنع تهريب الأسلحة.
ونقلت صحيفة “هآرتس” عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إنه رغم التحفظات التي يبديها أنان علانية بشأن الحصار، إلا أن “هناك تفاهماً مع الأمم المتحدة بشأن الحاجة إلى مواصلة الحصار حتى تستكمل القوات الدولية انتشارها على طول الحدود للبنانية ــ السورية”. وادعت الصحيفة، نقلاً عن المصادر نفسها، أن الحكومة اللبنانية لا تضغط بشكل فعلي لرفع الحصار خشية أن يُستغل الأمر لتهريب السلاح إلى حزب الله، مشيرة إلى أن إسرائيل قدمت إلى أنان أدلة تشير إلى أن سوريا وإيران تواصلان محاولات تجديد مخزون الصواريخ لدى حزب الله.
وانتقل أنان إلى رام الله، حيث التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). وأعرب أنان عن تأييده لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية. وأضاف: “إذا استطاع الفلسطينيون التوحد حول برنامج مشترك وواقعي، وإذا استطاع (البرنامج) المساعدة في السيطرة على الوضع الأمني، فسيكون ذلك تطوراً إيجابياً حقاً وستبذل الأمم المتحدة قصارى جهدها لدعمكم”.
وتابع إن “هناك سبلاً لحل الأزمة الراهنة والاستمرار بالجهود الرامية إلى حلها، وقد ناقشت مع الرئيس عباس مباحثاته مع رئيس الوزراء (إسماعيل) هنية لتشكيل حكومة فلسطينية وطنية”.
كما رأى انان أن الحل في منطقة الشرق الأوسط رهن بـ“إنهاء الاحتلال” وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، مشدداً على أهمية تطبيق قرارات الأمم المتحدة وفي مقدمها القراران 242 و338 ورفع الحصار عن غزة وفتح المعابر لعبور البضائع وتصدير المنتجات الفلسطينية. ودعا إلى ضمان إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وإنهاء إطلاق صواريخ القسام ووقف التوغلات الإسرائيلية وإطلاق سراح الوزراء والنواب الفلسطينيين المعتقلين.
وعن موضوع نشر قوات طوارئ دولية في الأراضي الفلسطينية، أوضح أنان أنه ليس لدى المنظمة الدولية خطط عاجلة بهذا الشأن، مؤكداً استعداد المجتمع الدولي للتعامل بإيجابية مع الفلسطينيين إذا توصلوا لبرنامج موحد وانخرطوا مع الإسرائيليين. وأضاف أنه يتوقع التوصل لنتائج الحوار الداخلي الفلسطيني وأن يحقق ذلك تقدماً.
ومن ثم انتقل أنان إلى الأردن، حيث من المقرر أن يلتقي الملك الأردني عبد الله الثاني اليوم الخميس. وبحسب المصادر الرسمية الأردنية، سيبحث أنان وعبد الله الثاني تطبيق القرار 1701.
وأفادت مصادر من الأمم المتحدة وأخرى رسمية في السعودية، أن الأمين العام للمنظمة الدولية سيزور المملكة الاثنين ضمن جولته في الشرق الأوسط.