strong>تشافيز يخطو الى الشرق الأوسط، وقد سبقته مواقفه «العروبية» المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة، فهو يحمل في جعبته كل أشكال الرفض للهيمنة الأميركية، متيمنّاً بسيمون بوليفار ومتسلحاً بتراث من ثورته المتأصلة في أميركا اللاتينية، التي عادت لتقضّ، خلال السنوات الأخيرة، مضاجع الهيمنة، التي تمثلها واشنطن وسياساتها «الإمبريالية» في كل أصقاع الأرض. حلّ الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز أمس ضيفاً على سوريا، التي عرفه شعبها، كما الشعوب العربية الأخرى، من خلال تخطيه في موقفه ضد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، مواقف معظم الأنظمة العربية، فكان استقباله كـ«حليف» استأنس به السوريون في زمن غابت عنه «أحلاف العروبة».
وبعد الاستقبال الرسمي الذي نظّم له في القصر الرئاسي، أطلق تشافيز نواة شراكة بلاده مع سوريا عبر الإعلان عن اجتماع كراكاس ودمشق على «رفض الإمبريالية ومحاولات الهيمنة من جانب الإمبراطورية الأميركية»، موضحاً أن «لدينا الرؤية السياسية ذاتها. إننا بلدان وشعبان يقاومان ويواجهان العدوان الإمبريالي».
ورأى الرئيس الفنزويلي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري بشار الأسد في قصر الشعب في دمشق، أن السلام «رهن بزوال الإمبراطورية الأميركية»، فيما حذر الأسد من عواقب دور مجلس الأمن الدولي «بصيغته الراهنة»، الذي قد يؤدي إلى مزيد من «الفوضى والدماء».
وقال تشافيز، الذي بدأ زيارة رسمية إلى سوريا أمس، «عندما لا تشكل الولايات المتحدة الإمبراطورية الأكثر عدواناً وانتهاكاً للحقوق في تاريخ العالم، سيعود السلام ليحل في العالم». أضاف «أما ما بقي فهو مجرد مخارج مؤقتة كوقف النار في لبنان بعد انسحاب جزئي لإسرائيل، هذا مخرج مؤقت».
وطلب الرئيس الفنزويلي «من الله أن تنتهي الإمبراطورية الأميركية وتزول من العالم إن عاجلاً أم آجلاً كما هو حال الإمبراطوريات التي انتهت». وقال إن «هذه الإمبراطورية سوف تزول»، مضيفاً «سترون حين تسقط هذه الإمبريالية، فإن إسرائيل ستترك وتغادر الجولان مباشرة».
ورأى تشافيز أن «من يُبقي على سيطرة إسرائيل هو القوة الأميركية المعادية»، مشيراً إلى أنه «حين تنسحب إسرائيل وتغادر الجولان، فإن القوى المهيمنة في العراق وفي الدول العربية المحتلة كافّة وفي أراضي في أميركا اللاتينية سوف تزول». وشدد على أن «بلاده تقف إلى جانب سوريا ونحن كنا رفضنا ونرفض العدوان من قبل الإمبريالية الأميركية وإسرائيل ضد الشعب في فلسطين ولبنان».
وطالب الرئيس الفنزويلي «مرة أخرى» الحكومة الإسرائيلية بـ«سحب قواتها المعتدية من لبنان ورفع الحصار الإجرامي الذي تفرضه على الشعب اللبناني ووقف مجازرها بحق الشعب الفلسطيني». أضاف «أطلب من الإسرائيليين الانسحاب من الجولان لأن هذه الأرض ليست لهم. إنه سلب فاضح يُرتكب أمام العالم أجمع».
وأعلن تشافيز، الذي تعدّ بلاده خامس مصدّر للنفط في العالم، استعداد كراكاس لبناء مصفاة نفطية، في سوريا، خلال ثلاث سنوات تصل قدرتها الإنتاجية الى مئتي ألف برميل في اليوم.
من جهته، تحدث الأسد، عن نوع من المحور من دون أن يسميه، وعن تجمع «من دول ذات سيادة تستطيع أن ترفض الضغوط بما يساعد في هذه المرحلة الصعبة على خلق استقرار سواء في منطقتنا أو في مناطق أخرى من العالم».
وأشار الرئيس السوري الى أن موقفي دمشق وكراكاس «متقاربان جداً» في ما يتعلق بالقضايا الدولية، معرباً عن رفضه لعالم أحادي القطب وعن عزمه على تنسيق سياسات البلدين «على أعلى مستوى» وتعزيز التعاون بين دول الجنوب لتجنيبها «الضغوط المماثلة لتلك التي تمارَس على فنزويلا وسوريا».
ورأى الرئيس السوري أن «دور تشافيز يخدم كثيراً دول العالم التي تعاني محاولات الهيمنة وسياسات السيطرة على قرارها»، لافتاً إلى «مشاروات تقوم بها سوريا لتسويق هذه الفكرة لدى الدول العربية وغير العربية والصديقة».
وعشية وصول الأمين العام الأمم المتحدة كوفي أنان إلى دمشق، قال الأسد إن «المرحلة التي سترشّح فيها فنزويلا نفسها لمقعد غير دائم في مجلس الأمن خلال عامي 2007 و 2008 هي مرحلة حساسة جداً بالنسبة إلى العالم وبشكل خاص إلى المنطقة». أضاف «إذا استمر دور مجلس الأمن بهذه الطريقة، فإن الأمور لا تدعو إلى التفاؤل على الإطلاق»، محذراً من أن «هذا سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والدماء وسيصبح السلام أبعد منالاً بكثير من قبل في منطقتنا». ورأى أن «القرارات الأخيرة لمجلس الأمن حول الشرق الأوسط هي نتيجة الهيمنة الأميركية وقد أصبحت تدخلاً في شؤون الدول الداخلية».
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، مساء أمس، أن «جامعة دمشق منحت تشافيز درجة الدكتوراة الفخرية في العلاقات الدولية».
على الصعيد الاقتصادي، جرى توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبروتوكول تعاون بين البلدين في مجالات النفط والطاقة والتجارة والثقافة.
وكان موكب تشافيز الرسمي جال لدى وصوله، في شوارع دمشق الرئيسية، فيما تجمّع مئات المواطنين على الأرصفة للترحيب به.
وكانت الولايات المتحدة طلبت من تشافيز، أول من أمس، بمناسبة زيارته لدمشق، أن «يُذكِّر سوريا بواجباتها الدولية المدرجة في قراري مجلس الأمن رقم 1559 و 1701».
ومن المقرر أن يتوجه تشافيز اليوم، في ختام زيارته لسوريا، الى أنغولا، في زيارة رسمية قصيرة يلتقي خلالها الرئيس خوسيه ادواردو دوس سانتوس، على ما أعلنت الحكومة الأنغولية أمس.
(أ ب، رويترز، أ ف ب،
يو بي آي، د ب أ، سانا)