فرنسا تشارك بأسلحة ثقيلة وإيران ترفض “تغيير مهمة” اليونيفيل باريس ــ بسام الطيارة

استبقت إيطاليا أمس وصول طلائع قواتها إلى لبنان، للعمل في إطار القوة الدولية المنتشرة في جنوبه (اليونيفيل)، وحذّرت سوريا من مغبة إرسال أسلحة إلى هذا البلد، مؤكّدة أن “المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي”.
في هذا الوقت، حذّرت طهران من أي تغيير في طبيعة القوة الدولية ومهمتها، فيما بدأت الصحف الفرنسية تسرّب معلومات عن هيكلة القوة الفرنسية المقرر نشرها.
وقال وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما، في حديث إلى إذاعة “راديو 1” الإيطالية، إن الأسرة الدولية لن تبقى مكتوفة الأيدي إذا تبين أن سوريا تسلّم أسلحة إلى لبنان، مطالباً دمشق بالتعاون.
وفي ما يتعلق بلبنان وقوة اليونيفيل المعززة، قال داليما إنه “بإمكان مبادرة أوروبا أن تعطي دفعاً حاسماً لاستئناف عملية السلام” في الشرق الأوسط. وذكر أن إيطاليا وفرنسا وإسبانيا “هي الدول الرئيسية المساهمة في قوة” اليونيفيل.
وأفاد استطلاع للرأي أن ما يزيد قليلاً على نصف الإيطاليين يحبذون مشاركة بلادهم في قوة تابعة للأمم المتحدة في لبنان، في ما يمثل تناقضاً للمعارضة القوية التي أبداها الإيطاليون للمهمة في العراق.
وفي طهران، رأى وزير الخارجية منوشهر متكي أن محاولات بعض الأوساط إعطاء تفسير جديد لمهمة القوة الدولية ستؤدي إلى إثارة التوتر. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) عن متكي قوله “إن قوات حفظ السلام بقيت في لبنان سنوات عدة بتركيبة تضم الدول المختلفة واليوم فإن أي تغيير في طبيعة مهمة اليونيفيل سيؤدي إلى التوتر”.
في هذا السياق، بدأت الصحف والمواقع المتخصصة الفرنسية تمتلئ بتحليلات ودراسات حول «هيكلية القوة الفرنسية المشاركة» في محاولة لسبر غور «الاستراتيجية الفرنسية على أرض المعركة»، كما يقول أحد الخبراء.
وبحسب بيان رئاسة الأركان الفرنسية، فإن الكتيبة الأولى المرسلة إلى جنوب لبنان تنتمى إلى «الفرقة المدرعة الثانية» الذائعة الصيت المتمركزة في مدينة «أورليان»، والتي يحفظ لها التاريخ أنها «أولى الفرق التي دخلت وحررت باريس خلال الحرب العالمية الثانية وكان على رأسها الجنرال ... لوكلير». وتضم الكتيبة الأولى ٩٠٠ جندي مقسمين على سرية دبابات ثقيلة من طراز “لوكلير” ووحدتين مؤللتين من طراز «أ إم إكس»، وهي عربات مدرعة للمشاة إضافة إلى مجموعة مدفعية صاروخية أرض ـــ أرض من طراز «أوف واحد» عيار ١٥٥ ميليمتراً، وكتيبة «دفاع جوي» لحماية القوات على الأرض مجهزة بصواريخ «ميسترال» لمهاجمة أهداف على علو منخفض (٥ كيلومترات) والتي يمكن إطلاقها عن الكتف، مع وحدة رادار من طراز «كوبرا» الحديث للكشف عن «مصادر إطلاق النار المعادية».
ويقول مراقبون إنها المرة الأولى التي تشهد تجهيز قوات تعمل تحت راية الأمم المتحدة بهذا السلاح الثقيل «الذي هو سلاح معارك ومواجهات أرضية» وهي مختلفة جداً عما «تعودت القبعات الزرقاء أن تحمله في مهماتها». ويتوقف البعض أمام اختيار دبابات «لوكلير الهجومية» الحديثة والتي تعدّ من أحدث الدبابات في العالم لتكون ضمن عملية «الحفاظ على وقف النار».
وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن دبابة “لوكلير”، رغم وزنها (٥٦ طناً)، مجهّزة بمحرك يضعها بمصافّ أسرع الدبابات في العالم (٩٠ كيلومتراً على الطرق و٥٥ كيلومتراً في الأرض الوعرة)، وتحمل مدفع ١٢٠ ميليمتراً ورشاش ١٢،٧ ميليمتراً، مما يجعل منها دبابة للمناورة في «وضعية قتالية متحركة».
ويقول أحد الخبراء إنه إذا وقعت معركة مثل المعارك التي شهدها الجنوب اللبناني فإنّ دبابة “لوكلير” تصبح هدفاً سهلاً، يصيبها ما أصاب ... دبابات «ميركافا» الإسرائيلية. ويرى أحد الخبراء أن هذا النوع من «التسليح الهجومي غير مفيد لمواجهة المقاومة» إذا جرى أي احتكاك بها، بينما «يعرف الجميع أن القوات الدولية لن ترد على مصادر إطلاق النار إذا أتت من جانب القوات الإسرائيلية».
لكن يبدو من بعض التسريبات أن باريس طالبت من خلال اللجنة التقنية في الأمم المتحدة أن «تكون القوة المرسلة إلى لبنان ذات وزن حربي مؤثر على الطرفين». من هنا وضعت «دبابة الميركافا كمقياس أعلى»، وهي رسالة موجهة إلى الطرفين إلى المقاومة ولكن أيضاً إلى القوات الإسرائيلية.
من هنا يبدو أن فرنسا، التي تحاول تكوين موقف متباين عن موقف واشنطن في ما يتعلق «بدور الأمم المتحدة في عمليات حفظ السلام»، أرادت من وراء رفع معيار القوة النارية لقوات اليونيفيل، إفهام القوى الفاعلة على الأرض، ومن ضمنها إسرائيل، أن “يونيفيل” اليوم غير “يونيفيل” الأمس. كما تحاول أن تمحو من ذاكرة الجنوبيين صورة «القوات الدولية التي تشاهد القوات الإسرائيلية وهي تخترق الحدود وتزحف نحو الشمال»، مما يساعد على تسهيل قبولها من قبل اللبنانيين. كما يمكن أن يكون هذا المعيار أيضاً رسالة إلى بعض القوى الإقليمية لما تحمله القوة النارية من «معانٍ هجومية واضحة»، وخصوصاً أن معظم المعلقين ما زالوا يرددون أن «مشكلة القوات الفرنسية ما زالت في ضبط الحدود مع سوريا».
في باريس أيضاً، أعلن رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة جان ماري غيهينو أن عديد اليونيفيل سيصل في أيلول الى ما بين أربعة وخمسة آلاف عنصر وسيُنشر “العدد اللازم” في جنوب لبنان.
إلى ذلك، لم يحظ القرار التركي بالمشاركة في القوة الدولية بأصداء إيجابية على المستوى الشعبي، فتعرّض أربعة شبان من معارضي نشر قوات تركية في جنوب لبنان للضرب العنيف من قبل حشد غاضب في اسطنبول خلال تظاهرة عسكرية لإحياء عيد وطني.
وكان الشبان أعضاء مجموعة يسارية صغيرة رفعوا لافتة كتب عليها “لا لإرسال الجنود الأتراك إلى لبنان”، في وقت كان فيه آلاف الجنود يشاركون في عرض عسكري في شارع فاتان على الضفة الأوروبية للمدينة.