strong>واشنطن تهدد بشدة. أوروبا تحذر بتحفظ. الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد عدم التزام إيران... وكل هؤلاء يخططون ويتشاورن ويحددون المهلة تلو الأخرى. أما طهران فتمضي في «تمردها» المعلن، وتغرِّد خارج سرب الطاعة الأميركية، فهل اقترب القبول بالأمر الواقع الإيراني؟
في اليوم الذي انتظرته طويلاً واشنطن للانطلاق في عقوبات محتملة ضد طهران، وجه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس رسالة تحدّ الى مجلس الأمن الدولي، جدّد فيها التأكيد على أن بلاده «لن تتراجع قيد أنملة أمام الترهيب»، في وقت أعلنت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية «عدم التزام طهران» ومواصلتها لتخصيب اليورانيوم.
ورغم أن المهلة التي حددها مجلس الأمن لطهران، عبر القرار 1696 لوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم، انتهت ليل الخميس ــــ الجمعة، قال نجاد «على الجميع أن يعلم أن الشعب الإيراني لن يتراجع قيد أنملة أمام الترهيب ولن يقبل بحرمانه حقوقه».واتهم الرئيس الإيراني، في خطاب ألقاه خلال زيارة الى إقليم أذربيجان الغربية، الولايات المتحدة بأنها المسؤولة الأولى عن الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي على إيران. وقال إن «المشكلة هي أن القادة الأميركيين يعتقدون بأن في وسعهم تسوية كل المشاكل باستخدام القوة وترسانتهم الكاملة». أضاف «لكن هذا الزمن ولى ونحن في عهد الثقافة والفكر والمنطق، لذلك يرفضون إجراء مناظرة معنا».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي، بدوره أمس، إن بلاده « تملك كل القدرة على مواجهة أي تحدّ ينجم عن عقوبات»، مشيراً الى أن «الأوروبيين منقسمون» بشأنها.
من جهتها، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير رفعته الى مجلس الأمن أمس، أن «إيران لم تعلق النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم».
وأشار التقرير، الذي رفعه المدير العام للوكالة محمد البرادعي بناء على طلب مجلس الأمن، الى أن «الإيرانيين بدأوا دورة جديدة لتخصيب اليورانيوم الأسبوع الماضي في مصنعهم في ناتنز (وسط)، الذي يحوي 164 جهازاً للطرد المركزي». إلا أنه، وبحسب مسؤول رفيع المستوى في الوكالة، فإن المفتشين التابعين للوكالة لا يملكون «أدلة ملموسة» على أن طبيعة البرنامج النووي الإيراني عسكرية.
وتعليقاً على تقرير الوكالة الدولية، أعلن نائب رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي أمس أن التقرير «ليس سلبياً» وأن «نشاطات التخصيب تتواصل في إطار الأبحاث».
أضاف سعيدي إن «التقرير واقعي جداً ويشير الى أن البرنامج النووي الإيراني يتم تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإنه ليس هناك أي انحراف» في اتجاه أهداف عسكرية، «على خلاف ما تدعيه الدعاية الأميركية».
وقال المسؤول الإيراني «حتى وإن كان التقرير لا يرضينا تماماً، فإنه يظهر أن تأكيدات ودعاية الولايات المتحدة في شأن البرنامج النووي الإيراني لا أساس لها البتة وهي ناجمة عن هلوسات المسؤولين الأميركيين»، مضيفاً إن هناك «كاميرات جديدة نصبتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في مصنع التخصيب في ناتنز.
ورغم هذا التقرير، اتفق الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا وكبير المفاوضين الإيرانيين في شأن الملف النووي علي لاريجاني على اللقاء في برلين في السادس من أيلول الجاري، وذلك قبل يوم من اللقاء المرتقب للدول الست الكبرى المعنية بالملف، في العاصمة الألمانية أيضاً.
وفي باريس، قال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي، بعد نشر تقرير وكالة الطاقة أمس، إن فرنسا «تأسف» للرد الإيراني «غير المرضي»، لكنها على اقتناع بضرورة «تغليب الحوار». أما المندوب الأميركي في الأمم المتحدة جون بولتون، فتعهد من جهته بالدفع باتجاه فرض عقوبات على إيران في مجلس الأمن، في ضوء تقرير الوكالة الدولية للطاقة. وقال بولتون، للصحافيين في نيويورك أمس، إنه «ليس قلقاً من التهديدات الصينية أو الروسية باستخدام حق الفيتو ضد قرار فرض العقوبات».
وقال المندوب الأميركي، في اتصال هاتفي مع مكتب «اسوشييتد برس» في فيينا أمس، إنه «في حين تملك واشنطن أفكاراً كثيرة حول شكل القرار الدولي الذي قد يصدر لاحقاً في حق إيران، إلا أن المناقشات في هذا الأمر ستنتظر نتائج اجتماع سولانا» مع لاريجاني.
وكان الرئيس الأميركي جورج بوش، عاد مرة أخرى في وقت سابق أمس، الى دعوة إيران الى «احترام المهلة التي حددتها لها الأمم المتحدة لتعليق نشاطاتها النووية الحساسة، مشدداً على أن سلوكها المتحدي ستكون له عواقب».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، في عددها الصادر أمس، أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا اتفقت على لائحة من العقوبات سيجري العمل على فرضها على ايران.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أوروبيين وأميركيين قولهم إن العقوبات ستطاول بالدرجة الأولى البرنامج النووي الإيراني، كفرض حظر على أي جهاز يمكن أن يستخدم في إطار النشاط النووي، إضافة الى الحظر على سفر المسؤولين في الملف النووي، الى الخارج.
ولفتت «نيويورك تايمز»، الى أن الولايات المتحدة رفضت اقتراحا تقدمت به فرنسا بأن تتعهد واشنطن بعدم القيام بأي مسعى لإسقاط النظام الإيراني.
(الأخبار، ا ب، ا ف ب،
رويترز، يو بي آي، د ب ا)