رأى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في تصريح نقلته وكالة «سبوتنيك» الإخبارية يوم أمس أن «تصعيد الخطاب العسكري من جانب الولايات المتحدة أمر هدام ومضر، ولا سيما أن شركاءنا يؤكدون لنا أنهم لا يريدون العودة إلى زمن الحرب الباردة؛ وإذا كان الأمر كذلك حقا، فعليهم أن يتحلوا بحذر شديد عند الإدلاء بتصريحات». وجاء تصريح لافروف رداً على أنباء عن نية واشنطن إعادة نشر صواريخ بالستية في أوروبا.وكانت وسائل إعلام أميركية قد نقلت عن تقرير أعده مكتب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، الجنرال مارتن ديمبسي، أن هناك عدة خيارات متاحة أمام الولايات المتحدة في حال خروجها من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، ردا على ما وصفه التقرير بـ«الانتهاكات الروسية». ومن تلك الخيارات، بحسب ما ذكرت وكالة «أ ب»، استحداث دفاعات قادرة على اعتراض الصواريخ الروسية، ونشر «قوة مضادة» في أوروبا تسمح بتدمير الصواريخ الروسية بـ«ضربة استباقية»، والاعتماد على قدرات «الضربة التعويضية»، وهو خيار ينطوي على احتمال استخدام السلاح النووي.

وأعادت الوكالة إلى الأذهان تصريحات روبرت شير، أحد مساعدي وزير الدفاع الأميركي المعني بالسياسية النووية، الذي أكد في نيسان الماضي أنه «بإمكاننا أن نهاجم هذا الصاروخ في مكان وجوده في روسيا».
وأكد لافروف أن روسيا لا تنوي إفساد معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، بل تسعى للحفاظ عليها، وأنها ستبقى منفتحة على حوار نزيه، شريطة أن يكون موضوعيا وذا أساس واقعي. «لم يقدم الأميركيون أي تفاصيل بشأن مزاعمهم، لكن ذلك يتطلب إجراء حوار جدي جدا، ونحن مستعدون لدراسة جميع الشهادات»، قال لافروف. وأشار لافروف إلى أن موسكو توجهت بدورها إلى الجانب الأميركي بأسئلة محددة بشأن الأنشطة العسكرية الأميريية المثيرة للقلق، وبالدرجة الأولى الدرع الصاروخية العالمية التي تنشرها واشنطن، والتي ترى فيها روسيا انتهاكا مباشرا لاتفاقية الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.
يبحث البنتاغون تدمير الصواريخ الروسية بـ«ضربة استباقية»

وحذرت وزارة الدفاع الروسية يوم أمس من «عواقب خطيرة جدا على الأمن والاستقرار الدوليين، جراء سير (الولايات المتحدة) في هذا الخط تجاه اتفاقية الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى»، وذلك فيما لم يؤكد البنتاغون صحة ما نشرته وسائل إعلام عن نيته نشر صواريخ مجنحة في أوروبا، بل اكتفى بالقول على لسان المتحدث جوي سويرس إن «جميع الخيارات التي يجري النظر فيها، غرضها منع روسيا من تحقيق تفوق عسكري ملحوظ بفضل انتهاكاتها». وقال أناتولي أنطونوف، نائب وزير الدفاع الروسي يوم أمس إنه يتكون لدى القيادة الروسية انطباع بأن واشنطن تثير الضجة حول ما تسميه «الانتهاكات الروسية»، بغية الحصول على مبرر لخطواتها العسكرية «الجوابية»، التي تستهدف تعزيز «الزعامة الأميركية» في مواجهة ما تسميه «الخطر العسكري الروسي». وأوضح أنطونوف أن «وزارة الدفاع الروسية تجري تحليلا دقيقا للمعلومات المتعلقة بتنفيذ اتفاقية الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى، التي نحصل عليها من مختلف المصادر. وإننا انتبهنا، طبعا، إلى المقالات بهذا الشأن في الصحافة الغربية، وتوجهنا بطلب عبر القنوات العسكرية ــ الدبلوماسية للحصول على إيضاحات رسمية من الجانب الأميركي حول موقف البنتاغون من التصريحات المنسوبة إلى الجنرال ديمبسي». وأكد أنطونوف أن الإجراءات التي تحدثت مصادر عسكرية أميركية عن امكانية اتخاذها ستعني خروج واشنطن من اتفاقية الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وقعا عام 1987، معاهدة تقضي بإتلاف جميع الصواريخ المتوسطة المدى (ما بين 1000 و5500 كيلومتر) والقصيرة المدى (ما بين 500 و1000 كيلومتر) التي كانت بحوزتهما، وجرى تطبيق المعاهدة بالكامل عام 1991، وواصلت الدولتان عمليات التفتيش المتبادلة حتى عام 2001، إلا أن موسكو وواشنطن تبادلتا خلال الأشهر الماضية الاتهامات بخرق المعاهدة، حيث تحدثت واشنطن عن تجارب مزعومة لصواريخ من هذا النوع أجرتها روسيا، فيما ترى روسيا أن واشنطن خرقت المعاهدة من خلال تطويرها للدرع الصاروخية وبرنامج الطائرات من دون طيار، فضلا عن برامج أميركية أخرى كـ«الضربة العالمية الخاطفة».

(الأخبار)