برازيليا | قبيل تسلم الرئيس البرازيلي (ذي الأصول اللبنانية)، ميشال تامر، مقاليد السلطة في البرازيل في حزيران الماضي إثر الانقلاب على الرئيسة العمّالية ديلما روسيف، توعدّه الزعيم العمالي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بأنه لن يهنأ في الرئاسة يوماً واحداً.
حينها سخر تامر وحلفاؤه من تحذير دا سيلفا، ووصفوا خطابه ببيان "الاستسلام"، في وقت كانت فيه الظروف الداخلية والخارجية تصب في صالح خصوم العماليين.
إلا أنّ الأشهر الستة من عهد الرئيس الحالي، كشفت صدق مقولة دا سيلفا، إذ يضجّ العهد الجديد بالملفات الفضائحية التي بدأت بتشكيل حكومة ثلث أعضائها من أصحاب السوابق في الفساد، وتوالت الأحداث لتطال تامر نفسه بعد اعتراف مدراء شركة "أوديبرشت" بتقاضيه رشاوى بملايين الدولارات في مقابل تسهيل عمل الشركة عبر تمرير التلزيمات. وترافقت الفضائح مع أداء حكومي مرتبك، أفضى إلى اعتراض قطاعات واسعة من النقابات العمالية، خصوصاً في قطاع التعليم. ومما زاد الأمور تعقيداً، إهمال ملف السجون التي قد تتجه أوضاعها نحو انفجار شامل من شأنه تعريض أمن البلاد برمته للخطر.

باع الرئيس البرازيلي
ذو الأصول اللبنانية معلومات سريّة لواشنطن


ولم يلملم تامر بعد جراح تسارع الفضائح، حتى كشف مؤسس موقع "ويكيليكس" جوليان أسانج، في مقابلة مع الصحافي البرازيلي فرناندو مورايس (نُشرت آخر تفاصيلها أمس)، أنّ تامر باع معلومات سرية في غاية الأهمية للولايات المتحدة الأميركية في مقابل تسهيل تسلمه الرئاسة، والاعتراف بحكومته، عقب إنجاح الانقلاب الدستوري على روسيف وحكومتها. ووفق أسانج، فإن تامر عقد عدة اجتماعات سرية في السفارة الأميركية في برازيليا، وأرسل وفوداً إلى واشنطن قبل إنجاز الاتفاق الذي نص على مدّ الولايات المتحدة الأميركية بمعلومات عن الاقتصاد البرازيلي وخصوصاً شركة "بتروبراس" النفطية وتفاصيل التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية البرازيلية. وأكد أسانج أن حكومة أوباما حصلت من خلال هذه الصفقة على ما كانت تسعى إليه منذ سنوات وسخّرت لأجله كل الجهود، وأهمها عملية التنصت الشهيرة على روسيف وعلى عدد من أعضاء حكومتها، إضافة إلى مراقبة اتصالات الشركات الكبرى في البرازيل.
ويجزم مؤسس "ويكيليكس" بأن البرازيل كانت واحدة من أكثر الدول عرضة للتجسس من قبل الولايات المتحدة لما كانت تشكّله هذه الدولة من قوة اقتصادية وسياسية، وبأنّ التغيير السياسي الذي طال هذا البلد اللاتيني كان ضرورياً لتبديد القلق الأميركي من تنامي الفكر المعادي للسياسات الأميركية على طول المساحة اللاتينية. وعليه، فإنّ طموح تامر للرئاسة كان بمثابة الكنز الذي اختصر جهداً أميركياً امتدّ لسنوات طوال، بمدة زمنية قصيرة تحوّلت فيها البرازيل إلى دولة خاضعة ومكشوفة.
ويجمع المراقبون في البرازيل على أن عهد تامر محبط، على الرغم من الزخم الداخلي والخارجي الذي رافق توليه للرئاسة. فالحكومة التي تتغنى بنجاحاتها الاقتصادية، تتناسى الهبوط الحاد لمعدل الحركة التجارية البرازيلية، والذي وصل إلى 6.6 في المئة، وهي نسبة لم تسجل منذ عام 2002 ما أدى إلى إعلان 12.2 % من الشركات إفلاسها العام الماضي، بحسب صحيفة "فوليا دي ساوباولو" المحلية.
ويذهب العمّاليون الذين بدأوا يتحضرون للمرحلة السياسية الجديدة، إلى القول بأن حكومة تامر قد أوكل إليها مهمة إفلاس البرازيل، وإعادتها عقوداً إلى الوراء. ويضيفون أن الأحداث المتسارعة تؤكد خطورة المرحلة التي تحتاج إلى تدخل قضائي سريع يمنع انهيار الدولة وتسليم مقدراتها إلى الخارج. دعوة قد لا تجد صداها في الوقت الحالي ما لم تتوفر الظروف المناسبة لإقالة تامر.