أعلن رئيس الحكومة التركي، بن علي يلدريم، أنه عقب موافقة البرلمان قبل أيام على مقترح التعديل الدستوري الذي تقدم به «حزب العدالة والتنمية»، والمتضمن التحوّل من النظام البرلماني إلى الرئاسي، جرى أمس «رفع التعديلات إلى رئيس الجمهورية كي يوافق عليها». ويحتاج التعديل الدستوري إلى توقيع الرئيس التركي، في مهلة أسبوعين، كخطوة تنفيذية نهائية قبل عرضه على الاستفتاء.ويثير مقترح التعديل الدستوري الكثير من الجدل في تركيا، في وقت بدأت فيه المعارضة بالحشد لرفضه خلال الاستفتاء المُتوقع في النصف الأول من شهر نيسان المقبل. ورأى رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، أن نتيجة الاستفتاء ستكون «لا»، منتقداً في الوقت نفسه رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهتشلي، لعدم اكتراثه باستياء قاعدة حزبه.

وفي حديث لصحيفة «هابرترك»، عبّر كليتشدار أوغلو، أول من أمس، عن ثقته بأن نتيحة الاستفتاء ستكون «لا وليس نعم»، مضيفاً أن «البلد لم يُترك إلى هذه الدرجة، الأمة ستحمي سيادتها». وقال إن لديه ثقة «بمنطق الشعب، فلماذا سيحول الشعب سيادته إلى الآخرين؟»، متابعاً بأن «السيادة لا يمكن أن تنقل إلى شخص واحد، ولا يوجد مثال على ذلك في العالم أجمع. السيادة هي، ومن دون شروط، ملك للشعب». وعلى الرغم من أن «الحركة القومية» صوتت للتعديل في البرلمان، فإنّ كليتشدار أوغلو رأى أن القاعدة الشعبية «للحركة القومية» مستاءة من التعديلات، وتوجّه إلى «القوميين» بالقول: «كلنا يجمعنا حب وطننا... إذا كنتم تحبون بلدكم أنقذوه من الانقسام، فلنكافح لأجل ذلك معاً».

قد تعتمد السلطة
على خطاب يتّهم من يصوّت
ضد التعديلات بالإرهاب

من جهة ثانية، أثار نائب رئيس الوزراء، نعمان قورتولموش، جدلاً بقوله إن «منظمات إرهابية» قد تقوم بعمليات في تركيا قبل الاستفتاء، وإنّ الانتقال إلى نظام رئاسي يحمي البلاد، الأمر الذي دفع كليتشدار أوغلو إلى اتهامه بأنه «يعترف بالتحريض على الإرهاب». وعلّق رئيس تحرير صحيفة «حرييت» التركية، مراد يتكين، في مقال له أمس على الجدل المذكور، قائلاً إن «الشعب الجمهوري» يخشى من أن خطاب «العدالة والتنمية» يرسل رسائل إلى المواطنين توحي بأن «من يصوّت ضد التعديلات الدستورية هو مع المجموعات الإرهابية». وأضاف أن هذه اللغة قد تظهر أكثر في الأيام المقبلة خلال الحملات التي تسبق الاستفتاء، معتبراً أن على الحكومة التوقف عن اعتماد هذه الاستراتيجية لأنها قد تزيد من «الانقسام الخطير» في الشارع التركي.
وفي السياق، تحدّث عبد الكبير سالفي في صحيفة «حرييت» عن الاستراتيجية المتوقع انتهاجها من قبل السلطة والأحزاب في تركيا خلال الحملات التي تسبق الاستفتاء، مشيراً إلى أن استطلاعاً أجراه مركز أبحاث «آي أند جي» بيّن أن 60 في المئة من الأتراك يؤيدون نظاماً رئاسياً «على الطريقة التركية». ووفق مدير المركز، عادل غور، فإن السبب في ذلك يعود إلى أن نسبة الأصوات المجتمعة لـ«العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» تبلغ 60 في المئة، وبالتالي إذا «قادوا حملة ناجحة، يمكنهم تحقيق تلك النسبة في الاستفتاء».
ورأى سالفي أن حملة «العدالة والتنمية» سترتكز على الاقتصاد عبر إصدار قرارات من شأنها رفع الضغط الاقتصادي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ أردوغان «سيركز أيضاً على محاولة انقلاب 15 تموز»، وسيطلب من «الناس الذين وقفوا في وجه الدبابات في ليل 15 تموز بأن يكتبوا ملحمة الديموقراطية في صناديق الاقتراع».
جدير بالذكر أنّ التعديلات المقترحة، تلغي منصب رئاسة الوزراء وتستبدل به مستشاراً أو أكثر للرئيس، وتمكّن التعديلات الرئيس من إصدار المراسيم وإعلان حالة الطوارئ وتعيين الوزراء وكبار المسؤولين في البلاد وحل البرلمان، وهي سلطات يقول حزبا المعارضة الرئيسيان، «الشعب الجمهوري» و«الشعوب الديموقراطي»، إنها ستقضي على التوازنات مع سلطات الرئيس، وبالأخص مع أردوغان راهناً. وسيمكّن إقرار الإصلاحات الرئيس من الاحتفاظ بصلات بحزب سياسي، وهو ما سيسمح لأردوغان برئاسة «العدالة والتنمية» من جديد، في خطوة تقول المعارضة إنها ستقضي على أي حياد. وتشمل التعديلات أيضاً إجراء انتخابات رئاسية وعامة معاً في عام 2019 وتمنح الرئيس حق الحصول على ولايتين، مدتهما عشرة سنوات.
(الأخبار)