حضر الملك المغربي محمد السادس مراسم اختتام قمة الاتحاد الأفريقي الثامنة والعشرين أمس، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وذلك عقب موافقة أعضاء المنظمة على إعادة عضوية المغرب، بعد 33 عاماً من خروجه من «الاتحاد»، على خلفية قضية الصحراء الغربية.
وقال الملك المغربي، خلال حفل اختتام القمة، «كم هو جميل هذا اليوم الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب... فأفريقيا قارتي، وهي أيضاً بيتي»، معبّراً لنظرائه عن سعادته «بلقائكم من جديد». كذلك رأى أن «الدعم الصريح والقوي، الذي حظي به المغرب، لخير دليل على متانة الروابط التي تجمعنا».
وكان المغرب قد خرج من «الاتحاد» عام 1984 احتجاجاً على انضمام «الجمهورية الصحراوية» إليه، التي أعلنتها «الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب» (بوليساريو)، خاصة أن الرباط تعتبر هذه المنطقة جزءاً من أراضيها.

نفى وزير جزائري
أن تكون بلاده قد عارضت
عودة المغرب

وأوضح محمد السادس أن «الوقت قد حان للعودة إلى الاتحاد الأفريقي»، معتبراً أن «قرار العودة جاء بثمرة تفكير عميق». وأضاف: «في الوقت الذي تعتبر فيه المملكة المغربية من بين البلدان الأفريقية الأكثر تقدماً، وتتطلع فيه معظم الدول الأعضاء إلى رجوعنا، اخترنا العودة للقاء أسرتنا»، مستدركاً بأن قرار العودة «ليس محطّ إجماع داخل هذا الاتحاد الموقر».
مع ذلك، شدّد على أنه «بمجرّد استعادة المملكة المغربية مكانها فعلياً داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته، فإن جهودها ستنكبّ على لمّ الشمل والدفع به إلى الأمام»، لأن طلب العودة «واجه مقاومة شديدة من جانب عددٍ من الدول ذات النفوذ الكبير في القارة السوداء، في مقدمها جنوب أفريقيا والجزائر، ونيجيريا المعروفة بدعمها للجمهورية الصحراوية».
في المقابل، أعلن الوزير الجزائري للشؤون المغاربية والعربية والأفريقية، عبد القادر مساهل، أن بلاده لم تعارض انضمام المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، بل «أكّدت ذلك كتابياً في رسالتها إلى المفوضة السابقة دلاميني زوما». ونقلت «وكالة الأنباء الجزائرية» عن مساهل قوله: «لقد قلناها من قبل إننا لا نعارض انضمام المغرب إلى الاتحاد، وقمنا بذلك بشكل مكتوب من خلال الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة»، مستدركاً: «أكّدنا أن هذا الانضمام يجب أن يكون دون شروط، لأن المغرب جعل من خروج الجمهورية العربية الصحراوية من منظمة الوحدة الأفريقية سابقاً، والاتحاد الأفريقي حالياً، شرطاً لعودته إلى العائلة الأفريقية».
في غضون ذلك، أوضح عدد من رؤساء الدول، بينهم رئيسة ليبيريا إيلين جونسون سيرليف، ورئيس بوركينا فاسو كريسيتيان كابوريه، أن عودة المغرب ستتيح بحث قضية الصحراء الغربية داخل الاتحاد «ضمن العائلة».
على المستوى الدولي، رحّب الاتحاد الأوروبي بخطوة الاتحاد الأفريقي حيال المغرب، التي «توحد القارة الأفريقية برمتها داخل منظمتها الإقليمية»، لافتاً، في بيان، إلى أن «التعاون والاندماج الإقليميين حيويان من أجل الازدهار والاستقرار والسلام».
على صعيد آخر، شهدت القمة انتخاب القادة الأفارقة «هيئة تنفيذية» جديدة للاتحاد، على أن يرأسها وزير الخارجية التشادي، موسى فقي محمد. وسلّم الرئيس التشادي، إدريس ديبي، الرئاسة الدورية للمنظمة لرئيس غينيا، ألفا كوندي، فيما دعا الأخير دول الاتحاد إلى التضامن مع الصومال وليبيا والسودان المستهدفة بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بشأن الهجرة.
وأكّد كوندي «تبنّي القارة السوداء إصلاح عضوية مجلس الأمن الدولي»، حتى يكون لأفريقيا فيه مقعد دائم. كذلك كُلّف رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، بالتفاوض مع الأمم المتحدة في هذا الصدد، وحول عمليات حفظ السلام في القارة.
إلى جانب عودة المغرب، حضر ملف الهجرة بقوّة في غالبية كلمات الجلسة الختامية، إذ كلّف كوندي، الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، بالتواصل مع الدول الغربية في ما يتعلق بملف الهجرة، مشدّداً على أن «الاتحاد الأفريقي لن يقبل التفاوض الفردي (من الدول) حول الهجرة مع الاتحاد الأوروبي»، كذلك أكّد ضرورة «تعزيز التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والصراعات والنزاعات».
في السياق نفسه، قال رئيس «مفوضية الاتحاد الأفريقي» الجديد، موسى فكي، إن مهمات ثقيلة تنتظره لقارة كبيرة «بتنوّعها وخلافاتها وتناقضاتها»، مشيراً إلى أن «أفريقيا بحاجة إلى تضافر الجهود لمواجهة تحديات السلم والأمن والإرهاب». وقال إنه «يتطلع إلى دعم جميع القادة والشعوب الأفريقية في مواجهة هذه التحديات»، متعهداً بأنه سيعمل على إرساء المبادئ الأساسية التي قام من أجلها الاتحاد الأفريقي.
وتضمن البيان الختامي تأكيد ضرورة إعادة هيكلة مفوضية «الاتحاد» وآلية عملها، فضلاً عن إنشاء منطقة تجارة حرّة بين دول القارة، إلى جانب تمكين الشباب وإعلان 2017 عاماً للاستثمار في الشباب. كذلك، قرّرت القمة «دعم التنمية وحقوق الإنسان في أفريقيا، وتمويل ميزانية الاتحاد الأفريقي». وأخيراً، اتفق القادة الأفارقة على عقد القمة الـ29 في تموز المقبل، وذلك في مقر «الاتحاد الأفريقي» في أديس أبابا.
(الأخبار)