لم يستأنف وزير الخارجية الأميركي جون كيري عمله، بشكل جدي، بعد غيابه لمدة أسبوعين بسبب إصابته بكسر في الفخذ، لكنه مهّد لذلك باستعراض إعلامي ينمّ عن تفاؤل بالتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، رغم التصريحات المتبادلة بين كل الأطراف، في الآونة الأخيرة، والتي توحي بأن المسار التفاوضي يشهد تباطؤاً أو ربما توقفاً، سببه بحسب الجانب الإيراني «المطالب المبالغ فيها» من قبل الغرب، ووفق ما أدلى به الرئيس الإيراني حسن روحاني، أخيراً، موافقة الطرف الآخر على نقاط في اجتماع ما، وسعيه إلى المساومة عليها في اجتماع آخر.
وفي الوقت الذي حذّر فيه روحاني من أن المساومات المستمرة من قبل الدول الغربية يمكن أن تهدّد الموعد النهائي لاتفاق نووي، أكد كيري، لدى خروجه من المستشفى، أنه سيتوجه إلى فيينا «في الأيام المقبلة» لإنجاز المفاوضات بشأن البرنامج الإيراني بقصد التوصل إلى اتفاق تاريخي، قبل نهاية الشهر الحالي.
وقال كيري للصحافيين، أول من أمس، أمام المستشفى في بوسطن (شمال شرق) وقد اتكأ على عكازين «لقد أجريت حديثاً طويلاً اليوم مع فريقنا في فيينا. سأكون قطعاً منخرطاً بشكل كامل وتام في هذه المفاوضات. أنا كذلك الآن. لم يفتني شيء». وأضاف: «سأسافر إلى هناك (فيينا) في الوقت المناسب في الأيام المقبلة من أجل الدفع قدماً في هذه اللحظة الحاسمة من المفاوضات».
لا يزال هناك العديد من الخلافات بشأن التفاصيل تتطلب معالجتها

من جهته، اتهم روحاني، في مؤتمر صحافي لمناسبة مرور عامين على انتخابه، الطرف الآخر بأنه يوافق على نقاط في اجتماع ما ويسعى إلى المساومة عليها في اجتماع آخر. وقال «في اجتماع ما نتوصل إلى اتفاق إطار مع الطرف الآخر، لكن في المرة التالية يبدأون في المساومة ما يتسبب بتأخير في المفاوضات»، من دون تحديد أي طرف من الدول الست في المفاوضات النووية. أضاف إنه «إذا احترم الطرف الآخر اتفاق الإطار المتفق عليه ولم يضف إليه مزيداً من المطالب، يمكن حلّ الخلافات، ولكن إذا اختاروا طريق المساومة فيمكن أن تطول هذه المفاوضات».
واعترف الرئيس الإيراني بأن العقوبات لن ترفع عن طهران فوراً بموجب الاتفاق الذي من المقرر أن يبصر النور، بحلول 30 حزيران. كما أشار إلى أنه «لا يزال هناك العديد من الخلافات بشأن التفاصيل تتطلب معالجتها» بموجب الاتفاق، لكنه أعرب في الوقت ذاته عن «أمله» بالتوصل إلى اتفاق.
وحول توقيت رفع العقوبات الدولية، قال روحاني «نحن نناقش ذلك حالياً»، مضيفاً إن إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يلغي القرارات السابقة المتعلقة بالقضايا النووية «سيكون أول خطوة كبيرة وضمانة لتطبيق الاتفاق، وبعد ذلك سيستغرق تطبيق جميع الالتزامات أشهراً عدة».
الرئيس الإيراني صوّب، أيضاً، على أولئك الموجودين في إيران والذين سعوا إلى التقليل من تأثير العقوبات، قائلاً إنها أوقفت الاستثمارات الأجنبية. وقال «حسناً، بإمكان البلد أن يعيش، ولكن إذا كنّا نريد المنافسة في العالم فنحن بحاجة إلى إزالتها. لا يمكن لبلد كبير أن يزدهر خلف أبواب مغلقة».
في موازاة ذلك، أكد مساعد رئيس الأركان العامة المشتركة للقوات المسلّحة العميد سيد مسعود جزائري أن إيران لن تسمح مطلقاً للأجانب بالوصول إلى المراكز الدفاعية، حتى إذا كان يتعارض مع القبول بالبروتوكول الإضافي.
وفي إشارة إلى المطالب المبالغ فيها التي تطرحها بعض دول مجموعة «5+1» في المفاوضات النووية مع إيران، قال جزائري إن مسؤولية القوات المسلّحة والمنظومة الدفاعية للبلاد هي المحافظة على الأمن والمصالح الوطنية، مؤكداً أن دخول الأجانب إلى المراكز الدفاعية والعسكرية والحصول على معلومات عن المعدات والتكتيكات ذات الصلة، يتعارض مع القوانين والتدابير وأيضاً مع المطالب العامة للشعب الإيراني.
وفي الإطار ذاته، أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشوون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان أن المفاوضات النووية أصبحت اليوم أحد مؤشرات عزة إيران وقوتها وشموخها علی الصعيدين الوطني والدولي.
وقال عبد اللهيان، خلال اجتماع الدعاه عشية شهر رمضان في مدينة قم المقدسة، إنه «حينما تكون القوی العظمی الست مرغمة اليوم علی أن تجري مفاوضات طويلة مع إيران، فإن هذا الأمر مؤشر علی قوة نظام إيران وعزته».
وأشار إلى القضايا الإقليمية الأخرى، مؤكداً أن إيران أعلنت بصراحة أن المفاوضات لن تتطرق إلى قضايا أخری إطلاقاً، ما عدا القضية النووية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)