بعد سبعة أشهر على قرار «حلف شمال الأطلسي» تقوية حضوره في أوروبا الشرقية، وصل أمس إلى ليتوانيا مئات الجنود الألمان في إطار خطة «الأطلسي» لتعزيز وجوده في تلك المناطق المحاذية لروسيا، لكن موسكو اعتبرت تلك الخطوة غير مبررة وتزيد التوتر.
وخلال حفل رسمي بحضور وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لين، رحّبت الرئيسة الليتوانية داليا غريبوسكايت، أمس، بالجنود الألمان في قاعدة «روكلا» العسكرية، على مسافة ساعة بالسيارة من العاصمة فيلنيوس، قائلة إن «ليتوانيا لم تستقبل من قبل قوات حليفة بهذا الحجم». وتابعت انها «رسالة واضحة ومهمة للجميع: الحلف الأطلسي قوي وموحد».
من جهتها، أكدت دير لين أن «كل الأحزاب (الألمانية) تتقاسم الالتزام القوي ذاته» تجاه الحلفاء، معبّرة أمام الصحافيين عن تصميم بلادها على «حماية ليتوانيا».
وأضافت أنه «بالنسبة لنا نحن الألمان، إنه يوم خاص. يربط بيننا تاريخ صعب منذ زمن طويل، ومن الرائع بالتالي أن ندافع معاً عن الديموقراطية والصداقة». وعبّرت دير لين عن ثقتها بالتزام الولايات المتحدة مع «حلف شمال الأطلسي»، على الرغم من تصريحات سلبية سابقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب حول الحلف.

موسكو: خطوات
«الحلف» لا تصبّ سوى
في زيادة التوترا


وتتألف القوة الألمانية من 450 عسكرياً، وهؤلاء العسكريون مكلفون بقيادة كتيبة متعددة الجنسيات تابعة للحلف وتضم حوالى 1200 عنصر، يشكّل الألمان القسم الأكبر منهم. وسبق أن وصلت إلى ليتوانيا وحدتان بلجيكية وهولندية، كذلك سينضم إليهما جنود من لوكسمبورغ والنروج وفرنسا وكرواتيا في2017 و2018. وسيتم نشر ثلاث كتائب مماثلة في بولندا ولاتفيا وإستونيا، استجابة لطلب الدول الثلاث، بعدما ضمّت موسكو القرم عام 2014.
وقالت غريبوسكايت إن هذا الانتشار «يعزز إلى حدّ كبير قوة الردع» في مواجهة «الجهاز العسكري الذي يتم تطويره حول حدودنا»، منددة بـ«النزعة العسكرية المكثفة» في جيب كالينينغراد الروسي المجاور، والذي يقع بين ليتوانيا وبولندا.
لكن السفير الروسي لدى «حلف شمال الأطلسي»، ألكسندر غروشكو، انتقد خطوات الحلف الحديثة وخططه المستقبلية التي تهدف إلى تعزيز وجوده العسكري على مقربة من حدود بلاده، معتبراً أنها غير مبررة ولا تصبّ سوى في زيادة التوترات. وأضاف في مقابلة مع «إنترفاكس» أنه «في العمق ومن خلال خطته على طول حدودنا، يحاول الأطلسي فرض أجندة مواجهة علينا، والتي لا علاقة لها بالحاجة الحقيقية لمجاله الأمني».
من جهة ثانية، تعهّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أول من أمس، بدعم قوي لـ«حلف شمال الأطلسي»، مؤكداً في الوقت عينه موقفه السابق بضرورة زيادة الدول الأعضاء لمساهمتهم المادية في الحلف. وقال في حديث له في مقر القيادة المركزية الأميركية في فلوريدا، وقد سبق أن اعتبر «الأطلسي» قد «عفّى عليه الزمن»، إنه يدعم «الحلف بقوة». إضافة إلى ترامب، يظهر وزير الدفاع الجديد، جايمس ماتيس، موقفاً إيجابياً تجاه «الأطلسي». وفي 27 كانون الثاني، تحدث إلى وزيرة الدفاع الألمانية، مؤكداً لها التزام بلاده بـ«حلف شمال الأطلسي». وشكر أيضاً الوزيرة الألمانية على دور برلين في الحلف في مناطق البلطيق وأفغانستان. ومن المقرر أن تلتقي وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لين، نهاية الأسبوع الحالي، بماتيس، في واشنطن. ويلي زيارتها إلى واشنطن لقاء، الأسبوع المقبل، مع وزراء دفاع «الأطلسي»، ثم مشاركتها في «مؤتمر ميونخ للأمن» في 17 شباط.
في سياق متصل، نقلت مجلة «بوليتيكو» عن مصادر في الإدارة الأميركية أن من المتوقع أن يقوم مستشار ترامب للأمن القومي مايكل فلين باقتراح توسيع «حلف شمال الأطلسي» على الرئيس، عبر ضمّ الجبل الأسود إليه، وهو أمر تعارضه روسيا بشدة. ووفق التقرير الذي نشر الاثنين، فإن فلين سيعرض الاقتراح على ترامب في الأيام المقبلة، مضيفاً أن موافقة ترامب ستظهر مدى استعداده لـ«دعم تحالف حقبة الحرب الباردة على حساب علاقته الناشئة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين». يشار إلى أنه في بداية كانون الثاني، وصلت إلى بولندا معدات وجنود أميركيون عبر ألمانيا، كجزء من العملية نفسها لتعزيز حضور «الأطلسي» في شرق أوروبا، والمتفق عليها في القمة التي عقدها الحلف في وارسو في حزيران الماضي، وتتضمن إضافة إلى المعدات العسكرية 3500 جندي أميركي.
(الأخبار، أ ف ب)