عشرة قتلى وخمسون مصاباً، هي الحصيلة الأولية للتفجير الإرهابي الذي ضرب سانت بطرسبرغ الروسية يوم أمس، بعبوة شديدة الانفجار، اخترق بها من يُعتقد أنه إرهابي تكفيري إحدى محطات مترو الأنفاق. لكن مدينة القياصرة «أبرزت عظمتها، حتى في مصابها الجلل». فخلافاً لما هي الحال في مدن الغرب التي باتت هدفاً للإرهاب بنسخته «الداعشية» و«القاعدية»، لم تفح روائح «الإسلاموفوبيا» من قبل مروّجي نظرية «صدام الحضارات».
فالمدينة الهادئة، على ضفة نهر نيفا، التي احتضنت منذ عام 1913، أول مسجد في شمال الكرة الأرضية، بدت واثقة بأنَّ الحرب على الفاشية الجديدة، ليست أقل ضراوة من الحرب على الفاشية القديمة، وهي التي خاضت غمارها، في واحدة من أبرز ملاحم الحرب العظمى، يوم كان اسمها لينينغراد.
لكن ما جرى أمس، وهو الأخطر منذ تفجيرات مترو موسكو في 2010، كشف عن أن ثمة رغبة، من قبل جماعات الإرهاب، في إيجاد ثغرة، يمكنهم من خلالها، تحقيق جملة أهداف، أبرزها تحقيق انتصار معنوي، في مقابل الهزائم التي تتكبّدها في سوريا من جهة، وإحداث إرباك في الجبهة الداخلية الروسية، مع مفارقة مثيرة للانتباه، هي أنَّ هذه الهزة الأمنية تزامنت مع حديث عن «ربيع روسي»، تقوده منظمات موالية للغرب، بما يحاكي «ربيعاً عربياً»، سرعان ما تحوّل إلى «جحيم إرهابي».

تزامنت الهزة الأمنية في المدينة مع حديث عن «ربيع روسي»

برغم ذلك، فإنَّ الهجوم الإرهابي قد يأتي بنتائج معاكسة، سواء لجهة تعزيز موقف الرئيس الروسي أكثر فأكثر، في روسيا، عبر ردّ فعل شعبي وسياسي يحصّن الجبهة الداخلية، أو في الخارج، من خلال تعزيز مقاربته للحرب على الإرهاب، وهو ما جعل بعض المنصات الإعلامية العربية التابعة لجهات داعمة للإرهاب، تذهب بعيداً، من خلال الإيحاء، تلميحاً، بأنَّ «النظام الروسي» يقف وراء الهجوم.
في العموم، إنّ ردّ فعل الدولة الروسية، بما في ذلك رد الرئيس فلاديمير بوتين، اتّسم بثبات انفعالي. وفي أول رد فعل لفلاديمير بوتين على الحادث، قال إنَّ من السابق لأوانه الحديث عن أسباب التفجير، مضيفاً أنَّ الأجهزة المعنية تدرس كل الاحتمالات، بما فيها العمل الإرهابي.
وبحسب معلومات لجنة مكافحة الإرهاب، فقد وقع الانفجار داخل عربة قطار بين محطتي «تيخنولوغيتشيسكي إينستيتوت» و«سينايا بلوشاد»، وعقب ذلك عثرت وكالات الأمن على عبوة ناسفة في المحطة نفسها. وذكرت اللجنة أنَّ مترو الأنفاق أُخليَ بالكامل، فيما قالت مصادر أمنية إنَّ العبوة الناسفة كانت متروكة في عربة قطار، مشيرة إلى أنَّ قوة التفجير كانت تساوي نحو 200-300 غرام من مادة «تي إن تي». وأوضحت مصادر أنَّ التفجير وقع في العربة الثالثة للقطار، ولم يسبب حريقاً، مشيرةً إلى أنَّ جميع من قتلوا أو أصيبوا جراء الهجوم، كانوا قرب المكان الذي وُضعت فيه العبوة.
(الأخبار)