في إعلان بدا مفاجئاً في توقيته، دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس، إلى تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة في الثامن من حزيران المقبل، مبررة الأمر بالحاجة «إلى انتخابات عامة الآن، فأمامنا الآن فرصة لا تتكرر للقيام بذلك... قبل بدء المحادثات المفصلة» مع الأوروبيين.
إلا أنّ الدعوة تبدو منطقية في حسابات تيريزا ماي بصورة خاصة، إذ إنّ الاستطلاعات تُظهر تراجعاً في شعبية خصمها «حزب العمال» من جهة، فيما بدأت خليفة ديفيد كاميرون منذ أسابيع بتعزيز حضورها في حزبها «المحافظين» من جهة أخرى، وقد تصب الانتخابات المبكرة في مصلحتها من هذه الناحية أيضاً.
ورغم رفضها المتكرر سابقاً للدعوات إلى إجراء انتخابات مبكرة، قررت ماي الآن الاستفادة من تقدمها وحزبها «المحافظين» على «حزب العمال» المعارض في استطلاعات الرأي التي أظهرت هامشاً يصل إلى 20 نقطة، ورحب زعيمه جيريمي كوربن أمس، بدعوة رئيسة الوزراء، برغم المناورات السياسية التي يواجهها داخل حزبه، والتي شكلت أحد أسباب تراجع شعبية الحزب.
وكانت ماي قد اتهمت معارضيها السياسيين داخل «حزب المحافظين» بـ«ممارسة الألاعيب» بشأن «البريكست»، إذ يعارض البعض بشكل خاص خططها الداعية إلى سحب بلادها من السوق الأوروبية الموحدة. وبررت ماي قرارها أمس، بالقول: «لقد توصلت إلى أن الطريقة الوحيدة لضمان الاستقرار والأمن لسنوات مقبلة هو إجراء هذه الانتخابات والحصول على الدعم للقرارات التي يجب أن أتخذها».
من جهة أخرى، اعتبرت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجون، وهي زعيمة الحزب القومي المؤيد للاستقلال عن بريطانيا الذي يحظى بـ 54 مقعداً في مجلس العموم من أصل 59 مقعداً لاسكتلندا، أنّ ماي «ترتكب خطأ كبيراً في الحسابات السياسية». وأعلنت: «سأمنح الناس مرة أخرى فرصة رفض أجندة المحافظين الضيقة التقسيمية وتعزيز التخويل الديموقراطي الموجود حالياً لمنح سكان اسكتلندا اختيار مستقبلهم».
وجراء دعوة ماي، أعلن زعيم كتلة «المحافظين» في مجلس العموم ديفيد ليدنتون، أنّ المجلس سيُحَل في الثاني من أيار/مايو، وبالتالي، سيكون عام 2017 السنة الرابعة على التوالي التي تجري في خلالها عملية تصويت، بعد الاستفتاء على استقلال اسكتلندا عام 2014 والانتخابات التشريعية عام 2015 والاستفتاء على «بريكست» في حزيران/يونيو 2016.
وأطلقت بريطانيا عملية الـ«بريكست» الشهر الماضي، إلا أن المفاوضات من المقرر أن تبدأ بعد أسابيع، ما يمنح رئيسة الوزراء فرصة لزيادة الدعم لها في المعارك التي ستخوضها في خلال هذه المفاوضات.
من جهته، أكد الاتحاد الاوروبي أن الانتخابات البريطانية المبكرة «لا تغيّر خطط» الدول الـ 27 الأخرى الأعضاء في التكتل الأوروبي. وكتب رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، هازئاً على «تويتر»، أن «هيتشكوك (المخرج ألفرد هيتشكوك، الرائد في أفلام التشويق والإثارة والرعب) هو مخرج بريكست: بدأ الأمر زلزالاً، وبعد ذلك تصاعد التوتر». إلا أن وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل، أعرب عن الأمل في أن تحقق هذه الانتخابات «وضوحاً أكثر» في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن يعقد زعماء دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 الأخرى قمة في 29 نيسان، حيث سيتفقون على استراتيجية للتفاوض على خروج بريطانيا المتوقع عام 2019. ولا يُتوقع أن تبدأ المفاوضات التي ستستمر لعامين، قبل أيار أو حزيران في أقرب موعد، وقالت بروكسل إن الإطار الزمني لن يتغير.
(الأخبار، أ ف ب)