دعا وزراء خارجية روسيا واوكرانيا وفرنسا والمانيا، في ختام اجتماع «رباعية نورماندي» في باريس مساء الأول من أمس، إلى «وقف اطلاق النار فورا» و«خفض حدة التوتر سريعاً» في منطقة دونباس، حيث تشن قوات كييف الحرب على جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين منذ إعلانهما استقلالهما عن أوكرانيا في استفتاء شعبي في أيار من العام الماضي؛ وذلك بينما يجتمع وزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي لاتخاذ المزيد من الإجراءات التصعيدية ضد موسكو.
وأصدر وزراء الخارجية الاربعة في ختام اجتماعهم في مقر الخارجية الفرنسية بيانا مشتركا اكدوا فيه «تمسكهم بالتطبيق الكامل لاتفاقات مينسك»، معربين عن «قلقهم العميق ازاء تدهور الوضع الامني في دونباس». ودعا الوزراء في بيانهم «جميع الاطراف الى الاحترام الكامل لتعهد سحب الاسلحة الثقيلة» بحلول 26 حزيران الحالي، بموجب الاتفاقات المذكورة، التي تنص على اتخاذ تدابير تدريجية لانهاء الصراع، منها وضع دستور جديد لاوكرانيا بحلول نهاية 2015، وتنظيم انتخابات محلية. ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قوله إن محادثات «رباعية النورماندي» تركزت على إقامة الحوار المباشر بين كييف ولوغانسك ودونيتسك، مشيراً إلى أن الأطراف هذه «وقفت ضد محاولات مَن يودون لو يتفاقم الوضع، ويحاولون وضع الصراع الدائر على سكة الحل العسكري».
بولندا ورومانيا تضعان نفسيهما في قائمة الأهداف الروسية

غير أن تبريد الصراع في الدونباس يبدو غير واقعي في سياق تطور الأحداث راهناً، وذلك على خلفية التصعيد العسكري الخطير لحلف شمال الأطلسي. فإعلان «الرباعية» أتى بعد ساعات على إعلان الولايات المتحدة عزمها على نشر سرايا وكتائب من قواتها، مع مدرعاتها وأسلحتها الثقيلة، على الجبهة الشرقية لـ«الأطلسي»، أي مباشرة على التخوم الغربية لروسيا، في خطوة أدت إلى إعلان الأخيرة اتخاذ إجراءات «جوابية»، منها تعزيز قواتها التقليدية على حدودها الغربية، بالإضافة إلى نشر صواريخ «إسكندر» الأرضية، العالية الدقة، في كالينينغراد. هذا ويجتمع وزراء دفاع دول «الأطلسي» الـ28 يومي الأربعاء والخميس (يومي أمس واليوم)، لمناقشة «تكيف الحلف مع بيئة أمنية جديدة، أكثر تحديًا و تعقيدًا». وأعلن الأمين العام للحلف، ينس شتولتنبرغ، اتخاذ المجتمعين «خطوات جديدة لتعزيز الدفاع الجماعي، حتى نتمكن من الرد على التحديات بشكل أسرع وأكثر فعالية»، منها «إنشاء 6 مقرات صغيرة جديدة في الجزء الشرقي من التحالف، بمساهمات من جميع الحلفاء، لتعزيز وجودنا في الجو وفي عرض البحر وعلى الأرض». وأوضح شتولتنبرغ أن الإجراءات تتمحور حول مضاعفة عديد «قوة التدخل السريع»، وأيضاً «العمل على بحث سبل زيادة الاستعداد والاستجابة لقواتنا، من خلال التسريع في عملية اتخاذ القرار السياسي والعسكري». كما أعلن شتولتنبرغ اتخاذ قرار بإنشاء مقر لوجستي جديد ضمن هيكل قيادة الحلف، قائلاً إن «كل هذه الإجراءات تتطلب، بلا شك، الزيادة في الاستثمار في مجال الدفاع، الأمر الذي سيناقَش مع الوزراء». وبحسب شتولتنبرغ، فالإجراءات تلك تأتي «رداً على الأعمال العدوانية (الروسية) في أوروبا»، و«ضم جزء من اراض ليس عملا دفاعيا، بل هو عمل عدواني»، في اشارة الى ضم روسيا شبه جزيرة القرم، التي صوتت الأكثرية الساحقة من سكانها على الانضمام إلى روسيا. وفي إصرار على تحميل روسيا المسؤولية الكاملة عن التصعيد العسكري في دونباس، أضاف شتولتنبرغ، «تواصل روسيا إرسال الجنود والقوات والمعدات لزعزعة شرق اوكرانيا؛ ليس هناك أي شك في مسؤولية روسيا عن أعمال عدوانية في اوروبا».

في المقابل، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم أمس تمديد حظر واردات الغذاء الغربية لمدة عام، قائلاً في اجتماع مع أعضاء الحكومة إنه وقع مرسوما بهذا الشأن. ويشمل الحظر واردات الغذاء من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا والنرويج. وذلك فيما كان متوقعاً تمديد الحظر لمدة 6 أشهر فقط، اعتبارا من بداية آب المقبل، وذلك بعدما مدد الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع العقوبات على موسكو لستة أشهر. وعلى المستوى العسكري، نقلت وكالة «سبوتنيك» عن يفغيني لوكيانوف، نائب أمين مجلس الأمن الروسي، قوله يوم أمس إن بولندا ورومانيا تسببان لنفسيهما مشكلة باستضافتهما عناصر من منظومة الدفاع المضاد للصواريخ الأميركية، وإن الدولتين تضعان نفسيهما بالتالي في قائمة الأهداف المحتملة التي يمكن أن تضربها القوات الروسية عندما تقتضي الضرورة. وكانت وكالات أنباء قد أعلنت مطلع الشهر الجاري عن خطط للإدارة الأميركية لوضع صواريخ بالستية في أراضي أوروبا، ردا على انتهاك روسيا المزعوم لاتفاقية إزالة الصواريخ المتوسطة المدى.

وفي سياق متصل، أفادت وزارة الطوارئ الروسية بأن قافلة مساعدات إنسانية روسية جديدة ستتوجه إلى دونباس قريباً. ونقلت وكالة «تاس» عن وزير الطوارئ الروسي، فلاديمير بوتشكوف، قوله يوم أمس إن القافلة الإنسانية الجديدة التي تضم أكثر من 100 شاحنة ستنقل إلى دونباس أكثر من 1000 طن من الأغذية والأدوية، موضحاً أن القافلة هي الـ31 منذ وصول أول قافلة إنسانية روسية إلى شرق أوكرانيا في آب الماضي. هذا وقد نقلت وزارة الطوارئ الروسية حتى الآن أكثر من 38 ألف طن من المساعدات الإنسانية لسكان مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك منذ منتصف آب الماضي.

(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)