انتهى، أمس, اليوم التفاوضي النووي بمغادرة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف فيينا إلى طهران، من أجل التشاور، ليتحوّل بذلك الـ30 من حزيران، إلى تاريخ لعودته إلى فيينا، بهدف استئناف المفاوضات، بعدما كان محدداً لإنهائها، بتوقيع اتفاق شامل مع مجموعة «5+1».قرّرت الأطراف المفاوضة «تمديداً قصيراً» للمحادثات، وفق ما أعلنت كل من طهران وواشنطن، في الوقت الذي لعبت فيه فرنسا دورها المعتاد المتمثل في الحفاظ على موقفها المتشدد الذي يبرز قبل كل مهلة نهائية، مؤكدة على المطالب التي يعتبرها الجانب الإيراني «متطلّبات» و«خطوطاً حمراء» لا يمكن تخطيها.

مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية خفّف من حجم خطوة التمديد، مشيراً إلى أنه «قلنا إن هذه المحادثات قد تمتد إلى ما بعد 30 حزيران، لبضعة أيام، إذا كنا في حاجة إلى وقت إضافي». وأضاف: «الواقع أنه لا يزال أمامنا مزيد من العمل للقيام به، الأطراف ينوون البقاء في فيينا إلى ما بعد 30 حزيران للاستمرار في المفاوضات». وهو إذ أشار إلى أن القوى المجتمعة لا تزال تسعى للوصول إلى اتفاق، خلال جولة المفاوضات الحالية في فيينا، فقد أكد أن «أحداً لا يتحدث عن أي نوع من التمديد لمدة طويلة».
خطة ثلاثية
المراحل لرفع العقوبات، «التوقيع» في الأخيرة منها

وعن عودة ظريف إلى طهران للتشاور، قال المسؤول الأميركي إن واشنطن «ليست قلقة» من ذلك، مضيفاً «قلنا دائماً إن الوزراء قد يحتاجون للعودة بشكل خاطف» إلى عواصمهم للتشاور و«هذا أمر جيد».
الكلام الأميركي تقاطع مع آخر صادر عن متحدث باسم الوفد الإيراني في فيينا، حيث صرّح بأنه «بسبب وجود كثير من العمل الذي لا يزال ينبغي القيام به، فإن فريقي التفاوض سيبقيان في فيينا إلى ما بعد (الأول من تموز) لمواصلة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق شامل جيد». وأشار في الوقت ذاته إلى أنه «لا توجد نية بعد أو مشاورات حول تمديد طويل الأمد للمفاوضات».
كذلك، نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن مسؤول إعلامي في فريق المفاوضين الإيرانيين قوله إن «وزيري خارجية إيران والولايات المتحدة قدما التوصيات اللازمة بشأن كيفية استمرار العمل على نص الاتفاق وتفاصيله».
في هذه الأثناء، أفادت صحيفة «هافغتون بوست» الأميركية نقلاً عن مصادر إيرانية بأنه تمّ وضع خطة عمل من أجل حلّ مسألة رفع العقوبات، مشيرة إلى أن هذه الخطة مقسمة إلى ثلاث مراحل.
وأوضحت أن المرحلة الأولى، وهي «تبني الاتفاق»، تصبح فاعلة عند التوصل إلى الاتفاق النهائي. أما المرحلة الثانية، «تفعيل الاتفاق»، فهي موافقة القوى السياسية الداخلية التابعة لمختلف الأطراف على الاتفاق، وقد أضيفت هذه المرحلة، نتيجة لسماح واشنطن للكونغرس بمراجعة الاتفاق والتصويت عليه. فترة هذه المرحلة مرتبطة، أيضاً، بتاريخ التوصل إلى الاتفاق، فإذا ما توصل الطرفان إليه، قبل 10 تموز، تكون فترة مراجعة الكونغرس ثلاثين يوماً، إضافة إلى 22 يوماً للموافقة أو رفض الاتفاق ولاستعمال الرئيس الفيتو إذا ما احتاج لذلك. وإذا ما فشل الطرفان في التوصل إلى الاتفاق، قبل 10 تموز، فإن فترة المراجعة الممنوحة للكونغرس، سترتفع إلى 60 يوماً.
بعد ذلك، إذا ما مُرر الاتفاق في الكونغرس، فإن الإيرانيين يبدأون في تطبيق الخطوة الأولى من التزاماتهم، وهي ما تعني بداية المرحلة الثالثة، على أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتحقّق من ذلك، بعدها ترفع الولايات المتحدة وحلفاؤها العقوبات، عند هذه النقطة «سيتم توقيع الاتفاق»، وهو ما يدعم المطلب الإيراني برفع العقوبات عند التوقيع.
وبعد اجتماع عقد بين وزير الخارجية الإيراني ووزراء خارجية مجموعة «5+1» (الصين وروسيا كانتا ممثلتين بنائبي وزير الخارجية)، أمس، تتالت المواقف الغربية الداعية إلى تنازلات إيرانية إضافية، والتي قابلتها مواقف إيرانية مستنكرة للمتطلبات الغربية المبالغ فيها.
فقد دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير «جميع الأطراف، بمن فيها إيران، إلى أن يظهروا روحاً بناءة للتوصل إلى اتفاق»، في حين أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أن الجميع يظهرون إرادة سياسية لحل ملف إيران النووي، مشيدة بـ«النتائج الجيدة»، رغم يوم صعب من المفاوضات.
وقالت للصحافيين: «يمكنني التأكيد أن الإدارة السياسية موجودة. الجميع أظهروا إرادة سياسية، حتى إننا طلبنا من المفاوضين أن يواصلوا فوراً مباحثاتهم الليلة» للتوصل إلى اتفاق.
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قد جدد، السبت، تأكيده على ثلاثة شروط «لا بدّ منها» للتوصل إلى اتفاق بين الدول الكبرى وإيران. وقال لدى وصوله إلى فيينا، إن «الشرط الأول هو حدّ دائم للقدرات النووية الإيرانية في مجالَي الأبحاث والإنتاج، والثاني هو تحقق صارم من المواقع (الإيرانية)، بما فيها العسكرية إذا استدعت الحاجة، والثالث هو عودة العقوبات بطريقة تلقائية في حال انتهاك (إيران) التزاماتها».
وأضاف الوزير الفرنسي إن «هذه الشروط الثلاثة تحترم سيادة إيران. لم تجر الموافقة عليها بعد من قبل الجميع، مع أنها مثلث القاعدة التي لا بدّ منها لاتفاق صلب نرغب فيه، وسنضع هذه الشروط الثلاثة نصب أعيننا في تعاطينا مع هذه المفاوضات». كذلك تحدث وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن «قرارات صعبة جداً يجب اتخاذها». وقال «أكرر ما قلته مرات عدة في السابق، عدم التوصل إلى اتفاق أفضل من اتفاق سيئ».
أما على الجهة الإيرانية، فقد حذّر رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني الغرب قائلاً: «لا تعتقدوا أن إيران بحاجة إلى هذا الاتفاق. نحن نرحّب باتفاق لأنه لصالح الجميع، ولكن لا تعتقدوا أننا سنتحمل مزيداً من الضغوط، ولا تجبروا إيران على التخلي عن طريق المفاوضات». ووصف لاريجاني مواقف بعض وزراء خارجية «5+1»، خلال الأخيرة، بأنها «دعائية». وقال إن طول أمد المفاوضات يعود إلی طرح الغربيين مطالب جديدة.
من جهته، أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية علي أکبر صالحي أن الاتفاق في متناول اليد، إذا التزم الجانب الآخر بإطار اتفاق لوزان وتفادی «المطالب المفرطة». وأشار صالحي إلی مواصفات الاتفاق الجيد، موضحاً أن «الجانب الآخر يبحث عن اتفاق مثالي، کما أن إيران تسعی أيضاً وراء اتفاق مثالي، وهذا بالتأکيد لا يوصلهما إلی اتفاق جيد»، مؤكداً أنه «يتعيّن علی الطرفين التوصل إلی تفاهم بشأن نقطة ما». وشدد صالحي على أن إيران «حدّدت خطوطاً حمراء لن تتجاوزها».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)