بعد 25 عاماً فقط... الهيمنة الغربية تنتهي
منذ خمسة وعشرين عاماً، ماتت الشيوعية وانتهت الحرب الباردة واختفى الاتحاد السوفياتي. كان ذلك أكبر انهيار لإمبراطورية في التاريخ الحديث... من دون أن تُطلق رصاصة واحدة. هذا السقوط أثبت انتصار الفكر الليبرالي الديموقراطي وفتح الباب أمام عصر الهيمنة الغربية من قبل الولايات المتحدة، القوة العظمى الوحيدة المتبقية في العالم.

لمدة عشر سنوات، انتشرت الديموقراطيات حول العالم وخاصةً في أوروبا الشرقية والمستعمرات السوفياتية السابقة. ولكن تلك الحقبة انتهت. الأنظمة الاستبدادية عادت والديموقراطية في موقف دفاعي، والهيمنة الأميركية تتراجع. فلننظر إلى حلب، حيث المجموعات المدعومة من قبل الغرب في وجه الطاغية، المدعوم من قبل روسيا وإيران والميليشيات الشيعية، على حافة الفناء. روسيا تقصف، وأميركا تصدر البيانات.
في فرنسا، مواقف المرشح الرئاسي للحزب المحافظ إيجابية تجاه فلاديمير بوتين. كما أن العديد من الديموقراطيات الجديدة في أوروبا الشرقية، كالمجر، وبلغاريا، وبولندا، تظهر نزعات استبدادية. أما الاتحاد الأوروبي، وهو أكبر تجمّع ديموقراطي في العالم، فمهدد بالتفكك مع انتشار حملات شبيهة بـ«بريكست» في جميع أنحاء القارة. وفي الوقت نفسه، يتجه أعضاء الاتحاد لإعادة فتح العلاقات الاقتصادية مع إيران، الدولة المستبدة والعدوانية. أما بالنسبة إلى الصين، المنافس الآخر لنظام ما بعد الحرب الباردة، فنفوذها يتوسع مع انشقاق الفيليبين وماليزيا إلى محورها. فالرئيس الصيني قال لدول المحيط الهادئ في بيرو الشهر الماضي إن الصين مستعدة للعب دور أكبر في حال انهيار الشراكة عبر المحيط الهادئ، الاتفاقية التي يرفضها الحزبان السياسيان في الولايات المتحدة.
(تشارلز كروثامر، «واشنطن بوست» الأميركية)

نصيحتي لترامب: ضع حداً لحرب تغيير النظام في سوريا

التقيت أخيراً الرئيس المنتخب دونالد ترامب لإيصال صوت الملايين من الأميركيين الذين يريدون إنهاء الحرب غير الشرعية ذات النتائج العكسية التي تقودها الولايات المتحدة لإطاحة الحكومة السورية. شعرت أنّ في غاية الأهمية أن ألتقي معه الآن، قبل أن يقنعه المحافظون الجدد وتجّار الحروب بتصعيد هذه الحرب التي ذهب ضحيتها 400,000 شخص ودفعت بالملايين إلى الهجرة بحثاً عن الأمان لأنفسهم ولأسرهم.
شرحت له كيف أنّ السياسة الخارجية فشلت في تحقيق المصالح الأمنية الفعلية للولايات المتحدة، وذلك بسبب أجندة المحافظين الجدد بعد أحداث 9/11 (من تدخلات عسكرية وتغيير أنظمة). فدورنا في إطاحة الحكام في العراق وليبيا، وسعينا الآن للقيام بالأمر ذاته في سوريا، تسبب بخسائر فادحة في الأرواح، وخلّف دولاً فاشلة، وعزّز المنظمات الإرهابية التي أعلنت الحرب على أميركا.
منذ عام 2011، قدمت الولايات المتحدة، بالشراكة مع السعودية ودول الخليج وتركيا، الدعم لـ«المجموعات المتمردة» التي تحاول إطاحة الحكومة والاستيلاء على سوريا. وذكرت صحيفة «ذي نيويورك تايمز» أخيراً أن هذه «المجموعات المتمردة» التي تدعمها الولايات المتحدة «دخلت في تحالفات مع تنظيم القاعدة في سوريا». لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن للولايات المتحدة أن تعمل جنباً إلى جنب مع التنظيم الإرهابي المسؤول عن مقتل 3000 أميركي في 9/11.
هذا التحالف سمح للتنظيمات الإرهابية بإقامة معاقل في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك في مدينة حلب، حيث تقوم «القاعدة» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية وأدوات دعائية (...)
كما هي الحال في العراق وليبيا، ليس لدى الولايات المتحدة أي حكومة بديلة ذات صدقية أو زعيم قادر على فرض النظام والأمن والحرية في سوريا في حال إطاحة بشار الأسد. فسقوط الأسد سيفتح الباب أمام «داعش» و«القاعدة» وتنظيمات إرهابية أخرى للسيطرة على كل سوريا، ما سيكون له تداعيات خطيرة على الشعب السوري، والأقليات الدينية، والعالم أجمع.
جوهر نصيحتي للرئيس المنتخب ترامب هو: علينا وضع حدّ لحرب تغيير النظام في سوريا فوراً، ويجب أن نركّز مواردنا الثمينة على الاستثمار في إعادة بناء بلدنا وهزيمة «القاعدة» و«داعش» وغيرهما من المجموعات الإرهابية التي تشكّل تهديداً على الشعب الأميركي.
(عضو الكونغرس تولسي غابارد، «ذي نايشن» الأميركية)