لم يكد يجفّ حبر اتفاقية «تعزيز التعاون والتبادل العسكري والتقني» بين قطر وبريطانيا، حتى أعلنت الأخيرة توقيعها اتفاقية مماثلة مع السعودية، في مشهد يؤكّد ما نشرته الصحف البريطانية عن استغلال لندن للأزمة الخليجية لزيادة مبيعاتها من الأسلحة والمعدات العسكرية.
وأعلنت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن وليّ العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، وقّع أول من أمس مع وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون «اتفاقية للتعاون في المجالات العسكرية والأمنية»، مشيرة إلى أن الخطوة تأتي في سياق «الجهود التي تبذلها للتصدي لإيران في منطقة الخليج».
وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في نيسان الماضي، عقب زيارة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الرياض، أنها ستعزز التعاون العسكري والأمني مع الأخيرة، بما في ذلك «إعادة بناء وإصلاح وزارة الدفاع، ومراجعة القدرات الدفاعية السعودية، والعمل المشترك في صفوف القوات المسلحة السعودية».

تُعدُّ السعودية
أكبر زبون لبريطانيا
في سوق تجارة
السلاح

وتأتي الاتفاقية بعد يومين فقط من توقيع فالون مع نظيره القطري خالد العطية على «خطاب نيّات» بهدف «تعزيز التعاون والتبادل العسكري والتقني بين البلدين»، تجلّت أولى نتائجه بصفقة سلاح يقتني بموجبها سلاح الجو القطري 24 طائرة حديثة من طراز «تايفون»، بكامل عتادها. وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن الاتفاقية «هي أول صفقة عسكرية كبيرة مع قطر، أحد الشركاء الاستراتيجيين لبريطانيا».
وكانت ماي قد أعلنت في كانون الأول الماضي أن بلادها ستستثمر خلال السنوات العشر المقبلة نحو 4.5 مليارات دولار في مجال الدفاع في أكثر من دولة عربية في منطقة الخليج.
وتستغل بريطانيا الخلافات الخليجية لعقد أكبر عدد ممكن من صفقات السلاح، الأمر الذي أكّده موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، الذي كشف في تقرير سعي شركات السلاح البريطانية إلى «إذكاء نار الانقسام في منطقة الخليج من أجل عقد صفقات سلاح مع الأطراف المتخاصمة».
ووفق التقرير الصادر في التاسع من الشهر الجاري، أدرجت بريطانيا كلاً من السعودية والإمارات والبحرين وقطر على قائمة «الأسواق المربحة» لصناعة الأسلحة، التي تتضمن 46 بلداً، بعد أن كان العدد 35 العام الماضي.
ورأى الموقع أن بريطانيا «تسعى، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، إلى تعزيز أرباحها من الصادرات العسكرية، عبر استغلال الأزمة الخليجية»، متّهماً لندن بتجاهل «تقارير المنظمات الحقوقية التي تؤكد ارتكاب دول، على غرار مصر والبحرين والسعودية، انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان».
وتُعدُّ السعودية أكبر زبون لبريطانيا في سوق تجارة السلاح، إذ وافقت لندن على تصدير أسلحة بما يفوق 3 مليارات جنيه إسترليني (3.87 مليارات دولار)، بما فيها طائرات مقاتلة وعمودية وطائرات من دون طيار بقيمة 2.2 مليار جنيه إسترليني، وذخائر وصواريخ وقنابل بقيمة 1.1 مليار جنيه، وعربات مدرعة ودبابات بقيمة 430 مليون جنيه، إلى الرياض في العامين الماضيين فقط، وذلك تزامناً مع بدء العدوان على اليمن، الذي ذهب ضحيته حتى الآن أكثر من 12 ألف يمني. وكانت المحكمة العليا البريطانية قد قضت في تموز الماضي بـ«شرعية» تصدير الأسلحة إلى السعودية، ضاربةً عرض الحائط بعشرات التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية التي تؤكد ارتكاب الرياض جرائم حرب في اليمن، مستخدمةً السلاح البريطاني.
ووفق تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن الجهات التي يجب أن «تحاسب» تحالف العدوان على الانتهاكات، وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، هي المستفيد الأكبر من تجارة الأسلحة، وتستأثر مجتمعة بنسبة 88% من الصادرات، التي تصل بالدرجة الأولى في منطقة الشرق الأوسط إلى السعودية.
(الأخبار)