فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أول من أمس، قيوداً جديدة على دخول مواطني كوريا الشمالية وفنزويلا وتشاد إلى الولايات المتحدة، ليوسّع قائمة دول شملها الحظر الأصلي الذي تعرّض لانتقادات وطعون في المحاكم. ونظراً إلى تفاوت كيفية تطبيق هذا القرار بين مختلف الدول، رأى البعض أن الهدف منه الترويج إلى أنه لا يستهدف المسلمين فقط، الأمر الذي كان محط انتقاد في القرار السابق، وخصوصاً أن دخول مواطني كوريا الشمالية مجمّد أصلاً، فيما شمل الحظر في فنزويلا موظفين حكوميين وعائلاتهم فقط.
ويُبقي القرار الجديد الذي أصدره ترامب، القيود على دخول مواطني إيران وليبيا وسوريا واليمن والصومال إلى الولايات المتحدة، في حين رُفعت القيود التي كانت مفروضة على مواطني السودان. ولا يفرض الإعلان الجديد قيوداً على العراقيين، إلا أنهم سيخضعون لفحص إضافي.
وتساعد هذه الإجراءات على تنفيذ الوعد، الذي قطعه ترامب على نفسه أثناء حملته الانتخابية، بتشديد إجراءات الهجرة وتنسجم مع رؤيته للسياسة الخارجية: "أميركا أولاً". وبخلاف الإجراءات السابقة، لا يضع الإعلان الجديد إطاراً زمنياً. وبعد قليل من صدور الإعلان، قال ترامب في تغريدة على موقع "تويتر"، إن "جعل أميركا آمنة هو الأولوية رقم واحد. لن نُدخل إلى بلادنا أولئك الذين لا يمكننا فحصهم بسلام". كذلك، صرح في بيان: "لا يمكننا مواصلة سياسات الماضي الفاشلة والتي تشكل خطراً غير مقبول على بلادنا. أولويتي الأهم هي ضمان أمن وسلامة الشعب الأميركي، وأنا وفيت بهذا الالتزام المقدس عندما أصدرت مرسوم الهجرة الجديد".
وجاء هذا الإعلان في وقت انتهت فيه القيود الحالية، التي فُرضت في آذار. وكان ترامب قد شدد، في مطلع 2017، على أنه بحاجة إلى مهلة 90 يوماً يحظر خلالها دخول رعايا ست دول إسلامية (سوريا وليبيا وإيران والسودان والصومال واليمن)، وأيضاً 120 يوماً للاجئين من كل أنحاء العالم، حتى يتسنّى له إعداد شروط جديدة للمسافرين إلى الولايات المتحدة. وبعد خمسة أشهر من الخلافات أمام المحاكم، دخلت صيغة معدلة من المرسوم حيّز التنفيذ في 29 حزيران، وانتهت مهلة العمل بها أول من أمس. وفُرضت القيود الجديدة، التي تدخل حيّز التنفيذ بدءاً من 18 تشرين الأول، بناء على مراجعة بعد طعون في المحاكم على حظر السفر الأصلي، الذي أصدره ترامب وأثار غضباً دولياً.
وفي المحصّلة، باتت النسخة الجديدة تحظر أو تفرض قيوداً على دخول رعايا ما مجمله ثماني دول إلى الولايات المتحدة. وتتفاوت الإجراءات بحسب الدول، إذ يحظر على جميع مواطني كوريا الشمالية وتشاد من دخول الأراضي الأميركية، بينما يقتصر الحظر المتعلّق بفنزويلا على الأعضاء في هيئات حكومية وعائلاتهم، وخصوصاً الموظفين في وزارات الداخلية والخارجية والشرطة والاستخبارات.
وسعت الحكومة الأميركية إلى استباق الانتقادات التي ستطالها نتيجة هذا القرار، مُعلنة أن إضافة كوريا الشمالية وفنزويلا وتشاد إلى لائحة الدول التي يشملها المرسوم الجديد حول الهجرة، جاء بسبب التقصير في أمن المسافرين فيها، وعدم تعاونها بشكل كافٍ مع واشنطن بشأن هذه المسألة.

تحظر النسخة الجديدة أو تفرض قيوداً على دخول رعايا ما مجمله ثماني دول

وردّت فنزويلا على قرار منع رعاياها دخول الأراضي الأميركية، متهمة الولايات المتحدة بممارسة "الإرهاب النفسي". واعتبرت وزارة الخارجية، في بيان، أن القرار "لا يتوافق مع القانون الدولي ويشكل نوعاً من الإرهاب النفسي والسياسي".
من جهتها، عبّرت تشاد عن "صدمتها" و"عدم تفهمها" لإدراجها على لائحة الدول التي يشملها مرسوم الهجرة. وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة التشادية مادلين ألينغيه في بيان أن القرار "يتعارض مع الجهود التي تبذلها تشاد والتزاماتها المستمرة في سبيل مكافحة الإرهاب على المستوى الإقليمي والدولي".
كذلك، أدانت منظمة العفو الدولية الإجراءات الجديدة. وقالت في بيان: "فقط لأن الحظر الأصلي كان فظيعاً بشكل خاص، لا يعني ذلك أننا يجب أن نؤيّد نسخة أخرى للتمييز الذي تفرضه حكومة".
في المقابل، صرّح مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الجنرال هيربرت ريموند ماكماستر بالقول: "إذا تعذّر التدقيق بشكل فعّال في الأشخاص القادمين إلى الولايات المتحدة، عندها يجب عدم السماح بدخول المسافرين من ذلك البلد".
كذلك، أوضح مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الأميركية أن "هذه القيود حيوية للأمن القومي"، لكن يمكن رفعها كما حصل مع السودان. وبالإمكان إزالة الدول المعنية من على اللائحة إذا استوفت الشروط الأميركية للتدقيق في رعاياها. وقال إن العراق ليس وارداً على اللائحة، مع أن مستوى التدقيق فيه ضعيف وذلك لأنه حليف قريب يضم عدداً كبيراً من العسكريين والمدنيين.
ويقول مسؤولون حكوميون إن إضافة كوريا الشمالية وفنزويلا دليل على أن القيود استندت إلى معايير أمنية، وإن المرسوم لا يستهدف المسلمين تحديداً، كما يشير معارضوه.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول أمام صحافيين: "لم يكن الدين عاملاً"، وأعطى مثال بيونغ يانغ وكراكاس، موضحاً أن "هاتين الحكومتين لا تستوفيان ببساطة معاييرنا الأمنية الأساسية".
إلا أن مديرة المشروع الدولي لمساعدة المهاجرين بيكا هيلر لم تقتنع بحجج الإدارة الأميركية، إذ أشارت إلى أن "تشاد بلد ذو غالبية من المسلمين، والرحلات القادمة من كوريا الشمالية مجمّدة أصلاً، كما أن القيود على فنزويلا لا تستهدف سوى مسؤولين حكوميين". وقالت: "أظن بأن الأمر واضح بما فيه الكفاية". ولفتت إلى أن تشاد أضيفت، مع أنها بحسب المرسوم "شريك مهم في حملة مكافحة الإرهاب".
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)