«أمن كل دولة يجب ألا يتحقق على حساب أمن غيرها من الدول»، قال زعماء الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون، في «إعلان أوفا» الصادر عن قمة المنظمة المنعقدة في المدينة الروسية المذكورة. الموقف هذا رسالة مباشرة وواضحة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، حيث دان الزعماء المجتمعون توسيع الحلفاء الغربيين منظومة «الدرع الصاروخية»، وفرضهم العقوبات الاقتصادية «أحادية الجانب»، وتدخلهم في أزمات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. رحّب البيان الختامي للقمة بتوسيع منظمة شانغهاي، التي تضم حالياً كلاً من روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزيا وطاجكستان وأوزبكستان، وأعلنوا رسمياً بدء عملية انضمام الهند وباكستان إليها، ومنح بيلاروسيا وضع دولة مراقبة، ومنح كل من أذربيجان وأرمينيا وكمبوديا ونيبال وضع دول شريكة في الحوار.

وبحسب البيان، فـ«الدول الأعضاء على اقتناع بأن انضمام أعضاء جدد، ومواصلة التعاون مع الدول المراقبة والدول الشريكة في الحوار، يمثلان أهمية خاصة لتطوير المنظمة ورفع قدراتها». وخلال القمة، وقّع زعماء الدول الأعضاء وثيقة «استراتيجية تنمية منظمة شانغهاي للتعاون حتى عام 2025». وأبرم الزعماء كذلك برنامجاً للتعاون في مكافحة الإرهاب والانفصالية والتطرف، يمتد للفترة بين عامَي 2016 و2018.
وجاء في البيان أن قيام دول بعينها بتوسيع منظومات الدفاع الصاروخي من جانب واحد، وبشكل غير محدود، سيزعزع الاستقرار ويلحق ضرراً بالأمن العالمي، الذي رأى ضرورة لاتخاذ كل القرارات بمشاركة كل الدول المعنية، ومن خلال القنوات السياسية والدبلوماسية. ورفضت دول المنظمة سياسة الحصار الاقتصادي للضغط على الدول، «من دون موافقة مجلس الأمن الدولي»، فجاء في البيان أن «الدول الأعضاء تؤيد التعاون الدولي الواسع في مجال تجاوز الهوة في المجالين التكنولوجي والاقتصادي الاجتماعي بين الدول، على أساس السماح لكل الدول باستخدام مزايا العولمة الاقتصادية على أساس المساواة ودونما أي تمييز».
وكرر البيان المواقف التي جاءت نتيجة قمة دول «بريكس» في أوفا يوم أمس، وذلك في ما يتعلق بدق ناقوس الخطر نتيجة تنامي الخطر الإرهابي، والدعوة «إلى تكثيف الجهود المشتركة للمجتمع الدولي لمكافحة المنظمات الإرهابية، وذلك بمراعاة القرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي». وأكدت دول المنظمة نيتها «بذل المزيد من الجهود الرامية إلى منع انتشار الأفكار المتطرفة، وقبل كل شيء في أوساط الشباب، وإلى العمل الوقائي لمنع انتشار التطرف الديني والتعصب العرقي والطائفي وكراهية الغير وتنامي نزعات التطرف في المجتمع»؛ وذلك على كل المستويات، الأمنية والقضائية والتعليمية والعلمية والإعلامية وغيرها. وفي السياق، عبرت دول المنظمة في بيانها عن ترحيبها «بسعي دول وشعوب العالم العربي إلى تحسين مستوى المعيشة والحصول على حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية واسعة، أخذاً في الاعتبار الخصائص الحضارية والتاريخية لكل بلد». ورأت المنظمة في بيانها أن «تسوية الأزمات السياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يجب أن تجري على أساس الاحترام المتبادل للمصالح وسيادة أحكام ومبادئ القانون الدولي، من دون تدخل خارجي». كما كررت دول المنظمة الموقف الصادر عن قمة «بريكس» يوم أمس، لجهة تسوية الأزمة الأوكرانية على أساس اتفاقات مينسك، قائلة إنه «لا بديل للتسوية السياسية الدبلوماسية للنزاعات في مختلف أنحاء العالم على أساس الالتزام الدقيق بمبادئ القانون الدولي»، بما يشمل مسألة برنامج إيران النووي، ومنع انتشار الأسلحة النووية.
وفي مؤتمر صحافي عقده في أوفا، يوم أمس، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن تسلل عناصر تنظيم «داعش» إلى أفغانستان يهدد الحدود الجنوبية لدول منظمة شانغهاي للتعاون، مشيراً إلى بحث القمة تكثيف نشاط التنظيم الإرهابي في أفغانستان. ورأى بوتين أن «من المهم الشروع، من دون إبطاء، بتطبيق برنامج مكافحة الإرهاب والانفصالية الذي أقرته القمة، والشروع في صياغة معاهدة شانغهاي لمكافحة التطرف».
وفي السياق نفسه، أعلن الرئيس الصيني، شي جينبنغ، يوم أمس أن بلاده ستقدم لأفغانستان التدريب ومعدات أمنية، وذلك بعدما شارك الصينيون كمراقب في أولى المحادثات التمهيدية الرسمية بين كابول وطالبان، والتي تستضيفها باكستان. وتحرص بكين على عودة الاستقرار الى أفغانستان، ذلك أنها تشعر بالقلق من جماعات انفصالية في إقليم شينجيانغ في أقصى غرب الصين، على حدود أفغانستان؛ وكانت الصين قد عبرت عن رغبتها بلعب دور «كبير» في إعادة إعمار البلاد.
(الأخبار)