كانت كاتالونيا، أمس، على موعد استفتاء من نوع آخر على استقلالها، خاضه مؤيّدو الانفصال في الشارع، حيث أعلنت شرطة برشلونة أن نحو 300 ألف شخص شاركوا في تظاهرات خرجت في المدينة على وقع هتافات «فلتخرج قوات الاحتلال»، و«الشارع سيكون لنا على الدوام»، احتجاجاً على استخدام الشرطة العنف لمنع الاستفتاء على الاستقلال، الذي جرى خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وتدفّق المحتجون نحو مركز المدينة، فيما شهد الإقليم إضراباً عاماً حلّقت فوقه مروحية، ما استدعى تنديداً من الكاتالونيين الذين لم يستفيقوا بعد من صدمة العنف الذي شهدته أجزاء من المنطقة الإسبانية الأحد، وبلغت على إثره التوترات ذروتها. وكان قادة الانفصال الكاتالونيون قد أجروا الاستفتاء، رغم تحذيرات مدريد المتتالية بأنه غير قانوني ويجب إلغاؤه.

شهد الإقليم
إضراباً، حيث توقّف النشاط بنحو شبه تام في ميناء برشلونة
وفي السياق، اتهمت وزارة الداخلية الإسبانية حكومة إقليم كاتالونيا بـ«التحريض على التمرّد»، بعدما تعرّضت قوات الشرطة التي أُرسلَت لمنع الاستفتاء لمضايقات من قبل المتظاهرين. وقال وزير الداخلية خوان إيغناسيو زويدو: «نرى أكثر فأكثر كيف تدفع حكومة كاتالونيا السكان نحو الهاوية، وتحرّض على التمرّد في الشوارع»، مضيفاً أن حكومته ستتخذ إجراءات لمنع «المضايقات» بحق الشرطة الوطنية.
وحاولت الشرطة الإسبانية منع تنظيم الاستفتاء الذي جرى، الأحد، حيث استخدمت الهراوات والرصاص المطاطي لتفريق الحشود، في مشاهد شكلت صدمة للعديد من الأشخاص في إسبانيا وأوروبا والعالم. وتزايدت المضايقات بحق الشرطيين وعناصر الحرس المدني في الفنادق، أو المراكز التي كانوا فيها في كاتالونيا، بعد تدخّلهم لمنع الاستفتاء. وزاد الاستفتاء حول انفصال كاتالونيا عن إسبانيا من التوتر الاجتماعي الحاصل في الإقليم، ففي مدينة مونت روج ديل كامب منع مئات المتظاهرين دورية من الشرطة الإسبانية من دخول المدينة.
في هذه الأثناء، توقّف النشاط بشكل شبه تام في ميناء برشلونة وسوق الجملة في كاتالونيا، وهو من أهم أسواق أوروبا، بسبب الإضراب العام. وقالت متحدثة باسم ميناء برشلونة، ثالث أهم موانئ إسبانيا، والذي يعدّ من أهم موانئ أوروبا للرحلات السياحية البحرية: «الشلل شبه تام، ولا يوجد نشاط بحري ولا بري».
وجرى فقط تأمين خدمة الحد الأدنى لإتاحة تنقل الركاب، خصوصاً التابعين لسفن الرحلات السياحية البحرية، وتلك التي تنقل مواد سهلة التعفن أو خطرة. ويعمل في الميناء نحو 32 ألف شخص، بينهم 550 تابعون لسلطة الميناء والباقون يعملون في إطار 550 شركة نقل.
من جهتها، أفادت متحدثة باسم «سوق مرثابارنا للجملة» في برشلونة، وهو أكبر سوق جملة للخضر والفاكهة في أوروبا، بأن «الإضراب كان شاملاً تقريباً، وليس هناك أي نشاط». وأوضحت المتحدثة أن قسم الفاكهة والخضار في السوق، الذي يضم 770 شركة، «مغلق بالكامل»، والأمر سيان في قسم منتجات البحر، فيما توافر نحو ثلث طلبيات الزهور واللحم «لتغطية الحالات الطارئة». وأعلنت نقابة سيكوت الكاتالانية، وهي ثاني أكبر منظمة لأصحاب العمل، أنه عند الظهر كان نحو 90 في المئة من الشركات التابعة لها في إضراب. وأوضح البيان أن 70 في المئة من حالات الإضراب تعود إلى قرار من صاحب العمل، و20 في المئة نتيجة اتفاق بين الأجراء وأرباب العمل، و10 في المئة تلبية لدعوة النقابات.
(رويترز، أ ف ب)