تصاعد التوتر في إسبانيا، أمس، مع تعهّد رئيس كاتالونيا إعلان استقلال الإقليم خلال أيام، فيما أفاد مصدر في الحكومة الإقليمية عن النية بإعلان الاستقلال الاثنين، في تحدٍّ لإنذار شديد اللهجة وجّهه ملك إسبانيا، محذراً فيه من تعريض استقرار البلاد للخطر.وصرّح المصدر بأنّ زعماء الإقليم الانفصاليين دعوا إلى عقد جلسة برلمانية، الاثنين، لتحليل نتائج التصويت و«وفقاً لسير الأمور خلال الجلسة، قد يُعلَن الاستقلال».

ووضعت المحاكم الإسبانية قادة الشرطة الكاتالونية والقادة المدنيين المؤيدين للاستقلال رهن التحقيق بتهم «ممارسة التحريض»، مع انزلاق البلاد نحو أزمة سياسية هي الأسوأ منذ عقود. وجاء ذلك غداة اتهام الملك الإسباني فيليب السادس، المسؤولين الانفصاليين في كاتالونيا بأنهم وضعوا أنفسهم «على هامش القانون والديموقراطية»، مشدداً على وجوب أن «تكفل الدولة النظام الدستوري»، في وقت تظاهر فيه مئات الآلاف في برشلونة احتجاجاً على عنف الشرطة الاتحادية.
وصعّد قادة كاتالونيا مواقفهم بدفع من الغضب العارم في الشارع ضد العنف الذي مارسته الشرطة بحق المقترعين في الاستفتاء على الاستقلال، الذي أجري الأحد، والذي حظرته الحكومة والمحاكم الإسبانية.
وأعلن رئيس كاتالونيا كارليس بيغديمونت، في مقابلة بُثت أمس، أن حكومته تستعد لإعلان استقلال الإقليم على الأرجح «بحلول نهاية الأسبوع». كذلك، أكد المتحدث باسم الحكومة الكاتالونية جوردي تورول أن السلطات الإقليمية «أشرفت على الانتهاء من فرز الأصوات». وأوضح ، في مقابلة تلفزيونية، أنّ النتائج ستُطرَح على البرلمان الإقليمي الذي سيكون أمامه مهلة يومين «لإعلان استقلال إقليم كاتالونيا».

عَكَس خطاب الملك مدى التوتر وقد يفتح الطريق لاتخاذ أي إجراء



في المقابل، دعت مجموعة من الكاتالونيين المعارضين للاستقلال إلى تظاهرة مضادة في برشلونة الأحد، فيما أعلن الفرع الكاتالوني من الحزب الشعبي الحاكم في إسبانيا تأييده للتحرك.
ومن شأن هذا التحرك تعميق المواجهة مع الحكومة المركزية في مدريد، التي اعتبرت، على غرار القضاء الإسباني، الاستفتاء غير شرعي. وبموجب المادة 155 من الدستور، التي لم تُفَعَّل بعد، يحق للحكومة المركزية أن تجبر إقليماً من أقاليم البلاد على احترام واجباته الدستورية، إذا ما انتهكها أو إذا «شكلت خطراً كبيراً على المصلحة العامة للدولة».
ولم يدلِ رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي بأي تعليق منذ يوم الأحد، إلا أن خطاب الملك من شأنه فتح الطريق أمامه لاتخاذ أي إجراء. وقال الملك إنّ «من مسؤولية السلطات الشرعية في الدولة أن تكفل النظم الدستورية، وسير المؤسسات بصورة طبيعية، واحترام دولة القانون والحكم الذاتي لكاتالونيا».
وعكس خطاب الملك مدى التوتر الذي يسود إسبانيا. وقال فيليب إن قادة الإقليم «بتصرفهم غير المسؤول قد يعرّضون للخطر الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لكاتالونيا ولإسبانيا بأسرها». وكرّر نداءات سابقة كان قد وجهها، داعياً فيها إلى التناغم والانسجام بين مكونات المجتمع الإسباني. إلا أن خطابه عقب أعمال العنف التي شهدها الإقليم الأحد، قد يؤدي إلى تأجيج الاستياء في كاتالونيا. وقال تورول معلقاً على خطاب الملك: «كان سيئاً. كان خطأً من كل النواحي». وأضاف أنه «بدلاً من تهدئة الأمور، صبَّ الزيت على النار».
من جهته، دعا نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس إلى الحوار «بشكل يحترم الدستور» الإسباني، بهدف حلّ الأزمة السياسية الخطيرة في كاتالونيا، فيما يناقش النواب الأوروبيون في ستراسبورغ الأزمة. كذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت: «لقد أحزنتنا التقارير» الواردة من كاتالونيا بشأن «إصابة الكثير من الناس بجروح خلال أحداث عطلة نهاية الأسبوع». وأضافت: «ما زلنا نقول إننا نشجع جميع الأطراف على أن يحلّوا خلافاتهم السياسية، من دون عنف وبطريقة تتفق مع القانون الإسباني».
(رويترز، أ ف ب)