بالتوازي مع النشاط الدبلوماسي المكثّف لوزارة الخارجية التركية، تواصل أنقرة خوض حربها المفتوحة على المعارضة السياسية والعسكرية في الداخل، مؤكدة تمسكها بإتمام مشروع «تركيا الجديدة». وأعلن نائب رئيس الوزراء، محمد شيمشك، أمس، أن أنقرة تعتزم «إنفاق نحو خمسة مليارات دولار على شراء أسلحة جديدة في عام 2018»، مضيفاً أن الحكومة ستخصص مبالغ إضافية من الضرائب الحالية لتمويل الإنفاق الدفاعي المتزايد.
وأثار مشروع قرار قدمته الحكومة إلى البرلمان، الأسبوع الماضي، تطلب بموجبه تخصيص حوالى 2.2 مليار دولار إضافي من حصيلة الضرائب الحالية لتحديث الجيش وتطويره، موجة من الانتقادات، لا سيما أنه يقترح أيضاً زيادة الضرائب على المواطنين.
وتأتي الزيادة المقترحة على الإنفاق الدفاعي في وقت تحارب فيه أنقرة «تمرداً كردياً» في جنوب شرق البلاد، وتجري قواتها مناورات مشتركة مع القوات العراقية على الحدود بين البلدين، وذلك خوفاً من تداعيات الاستفتاء على الاستقلال الذي أجراه «إقليم كردستان» الأسبوع الماضي.
وفي هذا السياق، ذكرت قناة «إن. تي. في.» التركية، أمس، أن قوات الأمن «قتلت خمسة مقاتلين أكراد في إقليم موغلا»، مضيفة أن «قوات الأمن نفذت عملية ضد مجموعة تضم سبعة من مقاتلي جماعة حزب العمال الكردستاني في منطقة كوجيز»، في الإقليم الساحلي المطل على بحر إيجه. وقالت القناة إن الاشتباك جاء بعد يوم من «إلقاء القبض على أربعة من المقاتلين الأكراد، وثلاثة أشخاص آخرين، كانوا على صلة بالمجموعة التي قتلت، في منطقة سيديكيمر» التابعة للإقليم الذي شهد أمس «أهم محاكمة» متعلقة بمحاولة الانقلاب على الحكم العام الماضي.
وحكمت المحكمة في موغلا بـ«السجن المؤبد» على 42 جندياً سابقاً متهمين بـ«محاولة قتل» الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال محاولة الانقلاب في عام 2016، في وقت تواصل فيه السلطات حملة الاعتقالات والإقالات، التي بدأت في شباط الماضي.
وأمرت نيابة أنقرة، أمس، باعتقال 133 موظفاً (101 موظف في وزارة المالية و32 في وزارة العمل والأمن الاجتماعي) على صلة بمجموعة الداعية الاسلامي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير الانقلاب الفاشل. وتتهم النيابة أغلب المعتقلين في ملف «الكيان الموازي» باستخدام «باي لوك»، وهو تطبيق للمراسلة عبر الهاتف تقول إنه صمّم خصيصاً ليتمكن عناصر «شبكة غولن من التواصل بشكل سرّي».
ولا تقتصر الاعتقالات على المواطنين الأتراك فحسب، بل شملت الأجانب أيضاً. وأوقفت السلطات، مساء أول من أمس، موظفاً أميركياً يعمل في قنصلية الولايات المتحدة في أنقرة بتهمة «التجسّس، والسعي لإطاحة الحكومة التركية، والتعامل» مع مجموعة الداعية الاسلامي.
من جهتها، أكّدت الولايات المتحدة، أمس، أن التهم الموجهة للموظف «لا أساس لها»، محذرة من تداعيات الاعتقال على «العلاقة المستمرة منذ وقت طويل» بين الحليفين في حلف شمال الاطلسي (الناتو). وتشهد العلاقات بين تركيا وكثير من الدول الأعضاء في «الناتو» اضطرابات شديدة، لا سيما ألمانيا التي أنهت، أول من أمس، نقل قواتها من «قاعدة إنجرليك» التركية إلى الأردن، على إثر الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
وذكرت وزارة الدفاع الألمانية، في بيان، أنها «نقلت أربع مقاتلات من نوع تورنيدو، كانت تستخدم في مهمات استطلاع فوق الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش، من قاعدة إنجرليك العسكرية التركية إلى قاعدة الأزرق الجوية الأردنية».
وفي حزيران الماضي، قررت السلطات الألمانية نقل قواتها من «إنجرليك» القريبة من الحدود مع سوريا، بعد أن منعت أنقرة نواباً ألماناً من زيارة القاعدة لتفقّد 260 جندياً متمركزاً فيها.
(الأخبار، الأناضول، أ ف ب)