في آب عام 2016، أعلن نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد بن حلي، أن مجلس التعاون الخليجي يدعم المستشار الثقافي لأمير قطر، حمد بن عبد العزيز الكواري، لتولّي منصب المدير العام لـ«منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة» (يونسكو)، آملاً «التوصل إلى توافق حول المرشحين العرب الثلاثة (قطر، مصر، لبنان)». حينها، كتبت الصحف الخليجية عن أهمية «المصلحة الخليجية الجامعة» التي قالت إنها «المحرك الأول لاتخاذ قرار دعم الدوحة»، مؤكدة أن «المناصب الدولية باتت حاجة ملحّة تسعى إليها جميع دول مجلس التعاون الخليجي».
المشهد اليوم ليس كما كان قبل عام؛ ففي تموز الماضي، توفي بن حلي في كندا بعد صراع مع المرض، ومعه «التوافق العربي» الذي تحوّل إلى «عداء» وصل إلى حدّ قطع العلاقات الدبلوماسية، وكاد يلامس حدود المواجهة العسكرية المفتوحة.
ألقت الأزمة الخليجية في حزيران الماضي بظلالها على انتخابات رئاسة «يونسكو»، وهو ما تجلى بوضوح في الحرب الإعلامية التي شنّتها القاهرة ضد المرشح القطري، عقب تقدمه في الجولات الأربع الأولى على المرشحة المصرية مشيرة خطّاب.
وعلى الرغم من أن مصادر خليجية كانت قد قلّلت، العام الماضي، من فرص خطّاب في المنافسة على منصب مدير «يونسكو» الـ11، واضعة الترشيح المصري في خانة «المماحكة السياسية مع قطر»، إلّا أن الأوساط المصرية كانت شبه واثقة من تصدر خطّاب الجولة الأولى من الاقتراع، التي جرت مساء الإثنين الماضي في مقر المنظمة في العاصمة الفرنسية باريس، لتفاجأ بحلول الكواري في المرتبة الأولى وحصوله على 19 صوتاً، في «إنجاز» قالت الدوحة إنه «مثال على عدم الخضوع للحملة المضادة التي تعرض لها خلال الأشهر الماضية، وخصوصاً من قبل دول الحصار على قطر».

تصدّر كلّ من
الكواري والمرشحة الفرنسية السباق

وكانت المواقع الإخبارية الغربية والعربية، وخاصةً المصرية، قد وجّهت جملة من الاتهامات ضد الكواري، تركّزت على اتهام الدوحة بدفع «رشاوى مالية سخية وشراء أصوات مندوبين مقابل تأييدهم لمرشحها»، بالإضافة إلى تكرار الاتهامات التي سبق أن وجّهتها الدول العربية لقطر، مثل «دعم الارهاب» و«الخيانة وتطبيع العلاقات مع إيران».
وتصاعدت حدّة التصريحات المعادية للدوحة عقب الجولة الثالثة من الاقتراع السرّي، أول من أمس، التي تصدّر فيها كلّ من الكواري والمرشحة الفرنسية أودريه أزولاي، السباق (18 صوتاً)، متقدمين على خطّاب (13 صوتاً)، وكذلك عقب الجولة الرابعة، أمس، التي ضمنت لقطر موقعاً في «النهائيات» (22 صوتاً)، فيما تعادلت أصوات مصر وفرنسا (18 صوتاً)، لتتجه الدولتان إلى تصويت آخر لحسم صاحب المركز الثاني، الذي سينافس قطر في الجولة الخامسة والأخيرة، اليوم.
وعلى ما يبدو، فإن الحملة المصرية ضد قطر مستمرة، إذ نقلت المواقع المصرية خبر اتهام مستشارة «يونسكو»، المصرية عبلة إبراهيم، لقطر بأنها «وعدت إسرائيل بحذف المسجد الأقصى من قائمة التراث الإسلامي» في حال وصل مرشحها إلى المنصب، مضيفة، خلال مداخلة هاتفية في برنامج تلفزيوني أول من أمس، أن الدوحة «تبتزّ يونسكو وتستغل الظروف الاقتصادية السيّئة للمنظمة، حيث إن ميزانيتها حالياً تحت الصفر». وفي حين يترقب العالم العربي وصول أول شخصية عربية إلى رأس المنظمة الدولية، يشير المراقبون إلى أن الخلافات العربية سبق أن حالت دون وصول أيّ من المرشحين العرب إلى المنصب، كما حصل مع وزير الثقافة المصري السابق في 2009، وقبله الوزير السعودي الراحل غازي القصيبي، في 1999.
(الأخبار، أ ف ب)