واصلت الحكومة الإسبانية، أمس، الضغط على القادة الانفصاليين في كاتالونيا للتراجع عن رغبتهم في الاستقلال، خصوصاً مع استعداد ناشطين انفصاليين متطرّفين لتنظيم حملة «عصيان مدني شامل»، رداً على «عدوان» مدريد. ومع استعداد مدريد لاتخاذ إجراءات نهاية الأسبوع لعزل القيادة الكاتالونية، من المتوقع أن يعلن حزب اليسار المتطرف في كاتالونيا تفاصيل موقفه القاضي بإعلان العصيان المدني، إذا قررت مدريد إدارة المؤسسات العامة في كاتالونيا، بدلاً من الحكومة الإقليمية.
وفي السياق، تستعد إسبانيا لحرمان الحكومة الكاتالونية مواردها المالية، من خلال استعادة كامل عائدات الضرائب التي تحصّلها، ما يمنع الرواتب عن مسؤوليها، وكذلك وسائل تمويل أي حملة انفصالية.
وقد استعادت الحكومة المركزية، بالفعل، السيطرة على معظم النفقات العامة في أيلول الماضي، بعد أشهر من الخلاف مع الإقليم الواقع في شمال شرق إسبانيا. وكانت مدريد قد اتخذت هذا الإجراء لمنع الاستفتاء بشأن الاستقلال، لكنّه جرى في النهاية على وقع أعمال عنف في الأول من تشرين الأول، وكانت نتيجته في مصلحة استقلال الإقليم.

عرض فرنسيون مؤيّدون لاستقلال كاتالونيا استضافة رئيس الإقليم

والآن، ستتحوّل الحكومة المركزية إلى تجفيف آخر موارد السلطات الإقليمية، وهي الضرائب والرسوم التي اعتادت تحصيلها مباشرة، مثل الضريبة على الممتلكات الموروثة ورسوم التسجيل في الجامعات.
وفي مسعى لوقف انفصال كاتالونيا، يصوّت مجلس الشيوخ، الجمعة، على إجراءات أعلنتها الحكومة لانتزاع سلطات الإقليم الذي يتمتّع بالحكم الذاتي. وفيما يحظى حزب رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي بغالبية في مجلس الشيوخ، من المتوقع أن تمرّ القرارات الحكومية من دون صعوبة. وإذا حدث هذا السيناريو، فإن مكتب ضرائب كاتالونيا لن يعود تابعاً لوزير مالية الإقليم ولا نائب رئيسه، بل لوزارة المالية في الحكومة المركزية.
وتسيطر مدريد بالفعل على باقي مداخيل كاتالونيا من الضرائب، فيما سيحرم الإجراء الجديد حكومة الإقليم أيَّ موارد فعلية. ومدريد مسؤولة عن تحصيل معظم الضرائب في إسبانيا، ثم تعيد توزيعها على مناطقها الـ17، التي بدورها تدفع رواتب الموظفين الحكوميين وتوفر نفقات التعليم والخدمات العامة. وإقليما الباسك ونافارا هما فقط اللذان يحصّلان ضرائبهما. لكن منذ 16 أيلول الماضي، أوقفت مدريد دفع حصة الحكومة الكاتالونية، مفضّلة أن تدفع مباشرة نظير الخدمات «الضرورية»، مثل المستشفيات والمدارس والشرطة، بالإضافة إلى رواتب الموظفين الحكوميين. كذلك، تلقّت البنوك الحكومية أوامر بتشديد الرقابة على كافة الحسابات والبطاقات المصرفية لأعضاء الحكومة الكاتالونية.
في غضون ذلك، عرض فرنسيون مؤيّدون لاستقلال كاتالونيا عن إسبانيا استضافة رئيس الإقليم الانفصالي كارليس بيديغمونت «لقيادة حكومة في المنفى في بيربينيان»، المدينة الفرنسية التي تربطها صلات عميقة مع الإقليم الإسباني.
وقال جوم رور، وهو رئيس حزب «يونيتات كاتالانا»، الذي يسعى بدوره إلى تقرير مصير أبناء الأقلية الكاتالونية في جنوب فرنسا: «نشعر بأن أوروبا لا تلعب دورها». وأضاف أنه «فيما تشتد العواصف، سألنا الناس لنرى ما إذا كانوا قادرين على استضافة الحكومة الكاتالونية والأشخاص الذين سيجبرون على المغادرة»، مشيراً إلى بلدة بيربينيان عاصمة مقاطعة البيرينيه الشرقية في جنوب غرب فرنسا، التي تشكل معبراً بين برشلونة والجنوب الفرنسي. وكان هذا الإقليم جزءاً من كاتالونيا، ولم يصبح فرنسياً إلا منذ النصف الثاني من القرن السابع عشر. وهرب العديد من القادة كاتالونيا إلى هذه المنطقة الفرنسية، أثناء الحكم الطويل للديكتاتور الإسباني الجنرال فرانشيسكو فرانكو.
(الأخبار، أ ف ب)